Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
يارا
عبد الله بن بخيت

كلمة الستر من الكلمات الأخلاقية التي تحمل في دلالاتها قيم الحفاظ على المجتمع وأخلاقياته بعيداً عن الفضح. تأتي في الحياة كآلية تشجع المخطئ على مراجعة خطأه والندم عليه بتجاوز خطيئته. تفشى استخدام هذه الكلمة في وسائل الإعلام المحلية في السنوات القليلة الماضية كما لم تستخدم في سنوات اللغة العربية الممتدة آلاف السنين. جاءت هذه الكلمة إلى الضوء مرتبطة بجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أن أصبح هو الآخر في متناول الإعلام بعد سنوات طويلة من التعتيم على أعماله. لا يمكن أن تسمع هذه الكلمة دون أن تحيل ذهنك على الفور إلى جهاز هيئة الأمر بالمعروف. كلما ازداد الحديث عن الهيئة كلما ازداد دوران هذه الكلمة في الإعلام وبين الناس في الشارع. يكاد المرء أن يدخل هذه الكلمة ضمن مفردات اسم الهيئة الطويل أصلاً. فبين كل تصريح وتصريح لأي مسؤول أو قيادي في هذا الجهاز لابد أن يشيد بدور الهيئة في الستر. وبين كل تصريح وتصريح لأي مسؤول من خارج الهيئة يتعلق بالهيئة نراه ينصح الهيئة بالستر. هناك ارتباط وثيق بين الهيئة وبين هذه الكلمة. من بديهات القول إن الناس لا تطالب بشيء إلا إذا فقد وخاصة عندما تأتي المطالبة من أعلى المستويات والدليل أننا لم نسمع أن أحداً نصح الأخوة في الشرطة بالستر ولم نسمع أن أحداً نصح الأخوة في إدارة المباحث بالستر ولم نسمع أن أحداً نصح الاخوة في إدارة المخدرات بالستر ولم نسمع أن أحداً نصح الأخوة في دار الملاحظة بالستر ولم نسمع أن أحداً نصح الأخوة في وزارة الصحة بالستر ولم نسمع أحداً نصح الأخوة في وزارة التجارة بالستر. تقتصر النصيحة بالستر على رجال الهيئة دون غيرهم وتقتصر المفاخرة بالستر على رجال الهيئة دون غيرهم كأنما قدت هذه الكلمة لفظا وأخلاقا خصيصاً لرجال الهيئة. في تصريح له يقول الشيخ إبراهيم الغيث إن الهيئة تحرص كثيراً على مبدأ الستر في كثير من القضايا وذلك للحفاظ على الأمن الاجتماعي مؤكداً أن التقرير الإحصائي السنوي أوضح أن من 94% إلى 96% من القضايا تنهى في داخل المراكز أو الميدان نفسه ولا يحال غالباً إلى الأجهزة المعنية سوى 5% كل ذلك لأن رجال الهيئة يفضلون الستر...،).

عندما يردد أي مسؤول في الهيئة أنه أنهى قضية من القضايا في المركز هو في الواقع يصرح بمخالفته لنظامه. القانون يفرض على الهيئة إما ترك المتهم وشأنه أو إلقاء القبض عليه وتسليمه مباشرة إلى الشرطة. ولكن من الواضح أن أخذ الناس إلى المركز قضية تتصل بالستر. ليست مطاردات الموت بين الهيئة وبين من يحتاجون إلى الستر إلا دليلاً على ذلك. صار الناس يفضلون الموت تحت عجلات السيارات أو القفز من شاهق حتى الموت على الوقوع في يد الهيئة يفضلون أن يسترهم الموت على أن يسترهم رجال الهيئة.

فاكس 4702164


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد