Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
ويكيبيديا موسوعة الناس بـ253 لغة
الجدل حول مصداقية الموسوعة في الأوساط الأكاديمية
د. علي بن شويل القرني

من أشهر الموسوعات التي يتداولها جميع الناس ومن مختلف لغات العالم (وتحديداً 253 لغة) موسوعة ويكيبيدا wikipedia، وهي موسوعة مفتوحة وحرة ومتنوعة وجذابة وسهلة الاستخدام وتوجد على الشبكة العنكبوتية،

وتتبع مؤسسة ويكيميديا wikimedia والتي تأسست عام 2003م ويقع مقرها في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعتبر الموسوعة من أشهر أعمالها التي تهدف إلى خدمة العلوم والثقافة.

والويكي -الذي أخذت منه الموسوعة اسمها- هو أحد أنظمة إدارة محتويات المواقع في الإنترنت، والتي تتميز بفرصة إتاحة المجال لأي شخص تعديل أي صفحة في الموقع. ويستعمل هذا النظام في المواقع التي تتطلب عملا جماعيا من عدد كبير جدا من المشاركين. وأصل كلمة ويكيبيديا من جزأين، أولهما ويكي وتعني في لغة جزر هاواي (السرعة) وهو مصدر لكلمة ويكي التي تعني نظام حاسوبي مشترك بين مجموعة كبيرة من المستخدمين، ثم من كلمة إنسايكلوبيديا وتعني الموسوعة.. واصبح اسمها ويكيبيديا..

وفي الشهر الماضي مارس 2008م وصلت عدد المقالات التي تحتويها هذه الموسوعة أكثر من عشرة ملايين مقال بكافة لغات العالم، وبينما وصلت ويكيبيديا النسخة الإنجليزية إلى أكثر من مليوني مقال. ومما تتميز به هذه الموسوعة هو عدم مركزية التحرير فيها، حيث بإمكان أي شخص أن يضع عليها أي مادة معلوماتية عن أي موضوع من الموضوعات بعد تسجيله في الموسوعة، ويستطيع أي شخص آخر أن يحرر ويعدل أي مقال أو موضوع من موضوعات الموسوعة بسهولة دون أن يكون قد سجل في إدارة الموسوعة. وهذه الميزة شكلت أكبر نقد يوجه إلى هذه الموسوعة، حيث بالإمكان التلاعب بالمعلومات التي تحتويها هذه الموسوعة، ولكن على الرغم من ذلك فهناك آليات تصحيحية يسعى إليها القائمون في تصحيح أو حذف المعلومات غير الموثقة التي تخضع لحقوق ملكية معينة أو جدل ديني أو سياسي. ولهذا فيحتاج الشخص الحذر والتأكد من المعلومات التي قد لا تبدو صحيحة، أو تكون عرضة لتلاعب سياسي أو أيديولوجي عن موضوع من الموضوعات.

وقد أصبحت موسوعة ويكيبيديا مادة علمية في كثير من أقسام الجامعات في العالم نظرا لسرعة وتوفر ومجانية المادة العلمية التي تحتويها، فعلى سبيل المثال أصبحت هذه الموسوعة جزءا من محتويات مقررات تدريسية في جامعة هارفارد، رغم وجود جدل حول هذا الموضوع في أوساط الجامعة. ولكنها تظل تزود طلاب العلم بمعلومات ومقالات علمية كثيرة في مجال تخصصاتهم. ومحور المصادقية يمكن أن يتثبت منه الباحث من خلال وجود مراجع علمية للمادة التي يستعين بها من الموسوعة. وقد وجه عضو الجمعية الأمريكية للمكتبات نقدا لاذعا لمن يستخدم ويعتمد على موسوعة ويكيبيديا أو حتى على محرك جوجل، لأن هذا يعكس كسلا لدى الباحثين في عدم استخدام المصادر المعتادة في البحث العلمي من الكتب أو الدوريات الورقية، أو عدم التمكن من الاشتراك في الدوريات العلمية عبر الإنترنت. وقد حظر بعض الأكاديميين استخدام موسوعة ويكيبيديا في البحوث والرسائل العلمية، خشية من عدم مصداقية المعلومات التي تحتويها.

وفي دراسة عن هذه الموسوعة، وجد باحثون أن متابعة بعض من المواد التي تنشرها الموسوعة تعتمد على مقالات وموضوعات أسست لها شركات تريد أن تبني صوراً إيجابية عنها، أو مؤسسات حكومية ترغب في توجيه الرأي العام إلى جوانب معينة تخدم سياساتها. وفي المقابل، فإن البعض يرى إمكانية الاستفادة منها، لأن كثيراً من الموضوعات هي موضوعات موثقة، وتحمل في نهايتها مراجع علمية موثقة.

وأشارت دراسة إلى أن كثيرا من المصادر التي تعتمد عليها موضوعات الموسوعة هي مصادر علمية من المجلات المعروفة مثل نيتشر، سانيس، نيو إنجلند جورنال أو ماديسون.. إلخ. ولهذا فإن الاتجاه العام هو الاستفادة منها بحذر، حسب طبيعة الموضوع والجهة التي تتناولها المادة المكتوبة.

وأخيراً، فإن هذا النقد الذي يوجه لهذه الموسوعة العالمية لا ينقص من الاهتمام الشعبي على مستوى العالم بهذه الموسوعة، فقد وصلت إلى كونها من أكثر عشرة مواقع في العالم يتردد عليها الناس في معرفة موضوع أو شخص أو دولة أو صورة أو قصة أو غير ذلك. وهذا نجاح كبير جدا استطاعت ويكيبيديا أن تصل إليه خلال سنوات قليلة أو أقل من خمس سنوات فقط. كما يجب أن نلاحظ أن الجهات الأكبر انتقادا لهذه الموسوعة هي جهات تمثل المصادر التقليدية في المعارف والعلوم، واتجاه الناس إلى هذا المصدر الجديد أثر على الاهتمام بالمصادر الاعتيادية، سواء في شراء الكتب أو الاشتراك في الدوريات العلمية من تلك المؤسسات.

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية- أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود



alkarni@ksu.edu.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6008 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد