Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/04/2008 G Issue 12981
الأحد 07 ربيع الثاني 1429   العدد  12981
شيء من
الداعيات والوعظ
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

يقولون : (عندما يلتوي الغصن تنمو الشجرة بشكل معوج).

تذكرت هذه المقولة وأنا أقرأ خبراً مفاده أن: (بعض الداعيات في منطقة الطائف لجأن إلى استخدام أساليب ترهيب في بعض الكلمات التوعوية التي تلقى في بعض مدارس البنات، حيث يركزن على التذكير بالموت وأهواله والعذاب كأسلوب دعوي يعتمد على الترهيب، وكذلك القيام بشرح عملي لتغسيل الموتى من أجل التأثير على الطالبات من الناحية الدينية دون مراعاة للمرحلة العمرية للطالبات وبخاصة طالبات المرحلتين الابتدائية والمتوسطة). وقد تنبه لهذه الممارسة الترويعية مدير عام التربية والتعليم للبنات في محافظة الطائف الأستاذ سالم الزهراني الذي (شدد في تعميم له على مديرات المدارس بمنع تداول أو نشر أي مطبوعات أو منشورات في المدارس قبل عرضها على الإدارة، وأخذ الموافقة عليها، ومنع استقبال أي من الداعيات من جهات خارج الإدارة، والابتعاد عن الاجتهادات الشخصية فيما يعرض ويوزع في المدارس، وعدم استقبال داعيات من خارج منسوبات الإدارة لإلقاء الكلمات والمحاضرات ومتابعة مكتبات المدارس).

والأستاذ الزهراني هنا هو مثال للمربي الفاضل، والمسؤول اليقظ، وهو بهذا التصرف الحازم مثال لما يجب أن يكون عليه مسؤول التربية والتعليم في التعامل مع دعاة التطرف وأدلجة النشء. فليس كل من ادعى التدين، وتذرع بالدعوة، واتكأ على قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يملك التأهيل العلمي ولا النفسي، يصلح أن يكون داعية، فتفتح له الأبواب على مصاريعها للعبث في أذهان أطفالنا، والعمل على أدلجتهم؛ هذا من حيث المبدأ، فكيف بمن (يتعمد) عن سوء نية، وغايات لا تخفى على الحصيف، أن ينتقي من النصوص الدينية ما يهز بها نفسيات أطفال هم في مقتبل العمر، ليكونوا (جاهزين) ذهنياً ونفسياً وثقافياً لإمداد جماعات التطرف والانتحار بالإرهابيين في المستقبل، وفي هذه الحالة ب(الإرهابيات).

ويجب أن نتنبه إلى الوسط النسائي في بلادنا بيئة خصبة لتفريخ الإرهابيات، نظراً إلى صعوبة رصد ومراقبة الانحرافات الفكرية في هذه الأوساط من قبل السلطات الأمنية، بسبب العادات والتقاليد التي تجعل التأكد من هوية المرأة، أصعب من التأكد من هوية الرجل، الأمر الذي يجعل تجنيد (الإرهابيات) للقيام بأعمال إرهابية، وربما (انتحارية) أمراً متوقعاً، نظراً لسهولة التخفي والتمويه المتاحة في مجتمعنا للنساء أكثر من الرجال.

وبعد حصار الإرهابيين من الرجال، ورقابتهم، ورقابة ثقافتهم التدميرية، ومحاصرة حركتهم، ومحاضراتهم، وشل قدرتهم على التنقل، يجب أن (نتوقع) أن يتجه أساطين الإرهاب إلى (النساء)، ويجندوهن لتنفيذ أهدافهم التدميرية.

بقي أن أقول إن أطفالنا أمانة في أعناق العاملين في حقل التربية والتعليم، وكما علمتنا التجربة فإن ثقافة الإرهاب تبدأ أول ما تبدأ من تجنيد الأطفال في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة؛ ولكي لا يلتوي الغصن فتنمو الشجرة بشكل معوج، ونندم على التفريط مثلما ندمنا من قبل، يجب أن نتنبه إلى المراحل الأولى من تنشئة أطفالنا علمياً وتربوياً، وبالذات في المدارس الابتدائية والمتوسطة، ونجنبهم دعاة التطرف، لنضمن في المحصلة النهائية تجفيف منابع الإرهاب الفكرية قدر المستطاع.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد