Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/04/2008 G Issue 12981
الأحد 07 ربيع الثاني 1429   العدد  12981
كليات المجتمع.. يا معالي الوزير
د. عبدالإله ساعاتي

يعود تاريخ كليات المجتمع على المستوى العالمي إلى العام 1901م حيث أنشئت أول كلية مجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية.. ومع النجاحات التي حققتها والدور الذي اضطلعت به في تأهيل القوى العاملة ازداد عددها على مدى العقود الماضية حتى بلغ عددها اليوم (1280) كلية مجتمع في الولايات المتحدة بها آلاف الفروع....

وتنبع أهمية كليات المجتمع من فلسفتها القائمة على خدمة مجتمعاتها المحلية عن طريق توفير برامج شاملة ومتنوعة للتأهيل التخصصي الموجه لممارسة المهن واكتساب المهارات التي يتطلبها سوق العمل المحلي، والإعداد لمواصلة التعليم الجامعي بشكل أفضل وأكثر تأهيلاً وفعالية..

ولقد تبنت وزارة التعليم العالي مفهوم كليات المجتمع باهتمام من معالي الوزير.. وكانت الانطلاقة الأولى في عام 1418هـ بصدور قرار مجلس الوزراء في 18-2- 1418هـ المتضمن الموافقة على افتتاح ثلاث كليات مجتمع في كل من تبوك وحائل وجازان.

ثم توالى إنشاء كليات المجتمع في مختلف مناطق المملكة حتى قارب عددها الآن إلى 30 كلية.. تسهم في توسيع قاعدة التعليم العالي، وتحقق هدف المواءمة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل.

* ولكن كليات المجتمع لدينا تعاني من تحديات وعقبات أطرحها هنا أمام ناظري معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري.. وهي نابعة من واقع تجربة عملية ودراسة علمية.. آخذاً في الاعتبار واقع (الانتفاضة) التطويرية التي تعيشها الوزارة.. والدور المحوري للشؤون الإدارية والمالية فيها بقيادة الدكتور علي العطية ودوره البارز في العملية التطويرية النشطة للوزارة.

طلاب كليات المجتمع - يا معالي الوزير - كما تعلمون لا يتقاضون مكافآت شهرية أسوة بزملائهم في سائر الكليات الأخرى.. مما يوجد الشعور بضيم التفرقة في نفوس الطلاب.

وخريجو الكلية (المتميزون) يواجهون رفضاً عجيباً من قبل كليات الجامعات أمام رغبتهم في مواصلة دراستهم بهذه الكليات.

كذلك فإن أبواب الابتعاث مغلقة أمامهم.. فمن شروط الابتعاث كما حددتها وزارة التعليم العالي الحصول على درجة البكالوريوس.. أو الثانوية على ألا تزيد مدة الحصول عليها على ثلاث سنوات.. وعند تخرج طلاب كليات المجتمع تكون الثلاث سنوات قد انقضت.. وبالتالي لا يحق لهم التقدم للابتعاث!!

ومعنى ذلك أن كافة الأبواب موصدة أمامهم للمزيد من التطور والارتقاء.

كثيراً ما جاءني خريجو كلية المجتمع حاصلين على تقدير (ممتاز) أعيتهم الحيلة وأصابهم اليأس.. إذ لا مكان أمامهم لمواصلة دراستهم لا داخل المملكة ولا خارجها.. رغم أن كليات المجتمع تخضع لكافة أنظمة وقرارات الجامعات شأنها شأن سائر كليات الجامعات.

وأنا هنا أقصد فقط الخريجين المتميزين الراغبين في مواصلة الدراسة.. وليس جميع خريجي كليات المجتمع.. هذه الشريحة ينبغي أن تشرع أمامها أبواب الأمل.

ومن المعوقات أمام نجاح تجربة كليات المجتمع في المملكة افتقار هذه الكليات إلى مقار ومبان تشيد وفق احتياجاتها التعليمية.. ذلك أن معظم هذه الكليات في مبان مستأجرة لم تبن أساساً لتكون مقراً تعليمياً بل بنيت للسكن..

وكلية المجتمع بجدة التي تتمتع بمزايا تنافسية Competetive Advantages عديدة لعل منها أن التدريس باللغة الانجليزية، ووجود سنة تحضيرية يدرس فيها الطالب لغة إنجليزية مكثفة وحاسبا آليا.. مع تركيز على مهارات الاتصالات وأخلاقيات العمل.. إضافة إلى استخدام نظام الDCAM في تصميم المناهج.. ووجود أعضاء هيئة تدريس أكفاء من دول متقدمة واستطاعت الكلية أن تحقق مؤخراً إنجازاً جيداً بتوقيع اتفاقية تعاون أكاديمي مع (10) كليات مجتمع أمريكية.

إلا أن هذه الكلية في مبنى مستأجر!! ورغم أن هناك معاملة لها سنوات في الوزارة إلا أنها لم تتحرك!! ورغم أن الخرائط الهندسية جاهزة والأرض موجودة إلا أن الوزارة لم تعتمد المشروع حتى الآن!!

وفي تصوري - ما لم يتم استثمار فترة الوفرة الاقتصادية والدعم السامي الكريم لوزارة التعليم في تنفيذ هذا المشروع وغيره فإن أمر إحالته إلى واقع يظل مطلباً صعب المنال.

* هذه في تصوري أبرز المعوقات التي تواجه تجربة كليات المجتمع في المملكة آمل أن تحظى باهتمام معالي الوزير والمسؤولين بالوزارة حتى تحقق هذه الكليات أهدافها. مع ضرورة استمرار ارتباطها بالجامعات.. فالجامعات هي العمق العلمي الاستراتيجي لكليات المجتمع.. على أن تعامل بذات المستوى كسائر الكليات.

* وقبل أن أنهي مقالي هذا أشير إلى ما قاله الدكتور جورج بوقس George Boggs رئيس الجمعية الأمريكية لكليات المجتمع AACC حين قال: إن كليات المجتمع أصبحت مكوناً أساسياً في البناء التعليمي الوطني بالولايات المتحدة، وأنها ساهمت في تطور التعليم العالي في ذات الوقت الذي ساهمت فيه في توفير قوى عاملة ماهرة تلبي احتياجات المجتمع.

ويقول الدكتور جوي ماي JOE May رئيس منظومة كليات المجتمع بولاية لويزيانا: إن الاحصائيات الرسمية تشير إلى أن 51% من الطلاب في الجامعات الامريكية هم خريجو كليات مجتمع.

ولقد التقيت بالدكتور بوقس في الولايات المتحدة، كما التقيت بالدكتور ماي في الولايات المتحدة وفي جدة.. وعرضت عليهما تجربة المملكة الوليدة في هذا المجال - فأبديا ترحيبا ورغبة في دعم التجربة.. مع يقين باهميتها ودورها في تحقيق التنمية الوطنية وخفض معدلات البطالة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد