Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/04/2008 G Issue 12981
الأحد 07 ربيع الثاني 1429   العدد  12981
نوافذ
الغزو
أميمة الخميس

في الذكرى الخامسة للاحتلال الأمريكي للعراق، تذكرت فندقاً جميلاً في منهاتن بنيويورك يطل على حديقة السنترال بارك، اسمه(Essex) الجميرا، حيث يشعر الزائر بأنه علم خليجي صغير قادم من الشرق زرع فوق أرض المدينة الأكثر توتراً واسترابة من كل ما هو عربي.

رؤوس الأموال الإماراتية في الولايات المتحدة لا تقتصر على هذا المكان، فعلى الرغم من إحباط صفقة إدارة الموانئ الست في الولايات المتحدة، إلا أن رأس المال الإماراتي له استثمارات متعددة ومتفرعة هناك، وهي تمتلك غالبية أسهم شركة بوينغ العملاقة.

هذا الحضور المتنفذ في إمبراطورية المال، وكبار المصرفيين، وسطوة كبار الشركات، يوظف اللغة الوحيدة المتداولة ليس فقط المتداولة، بل المحترمة هناك.

فعائلة روتشيلد اليهودية عندما قدمت إلى نيويورك عام 1913، اتجهت بصورة مباشرة إلى البنك المركزي، والاحتياطي الفدرالي، واستطاعت تملك سندات وأسهماً هائلة هناك، بعدها تلقائياً وبصورة مطردة سيصبح لليهود حضوراً اقتصادياً طاغياً ومهيمناً، وبالتالي مؤثراً في القرار السياسي هناك.

في نفس المرحلة التي كانت فيها نيويورك تستقبل الآلاف من اليهود الذين يحملون في حقائبهم تاريخاً طويلاً من عذابات التشرد، فلم ينحسر تواجدهم في التجارة، بل كرست أجيالهم اللاحقة حضورها عبر المهن المؤثرة كالطب وأساتذة الجامعات، هذا الحضور المتنفذ لليهود، جعلهم يصبحون جزءاً من النسيج الثقافي، في الولايات المتحدة، ولاسيما مع تنامي حركات التحرير العالمية، ومناهضة العنصرية، ضد السود والملونين وأطياف المساواة (جوهر الحلم الأمريكي الكبير) الذي يفخرون به والذي تحميه تعاليم الدستور منذ زمن رئيسهم جيفرسون.

وفي الوقت الحاضر عندما نتأمل نوعية الانحياز شبه المطلق الذي تقوم به الولايات المتحدة لإسرائيل ضد القضايا العربية، هل نتوهم أن الولايات المتحدة مصابة بالعمى أو الصمم، أو أنها لا تسمع أو ترى الانتهاكات المتوحشة التي تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين العزل؟ بالطبع لا...

ولكن بالتأكيد القرار الأمريكي بهذا الاتجاه يخضع لعدد من الشروط، ويمر بعدد من السياقات التاريخية، التي تجعل أي انحراف طفيف عن الدعم الكامل لإسرائيل يمثل معاداة للسامية وخيانة للدستور، وهي أحد المحرمات الكبرى والتابوهات التي لا يمكن المساس بها هناك.

وبالتأكيد لن يعلم أحد خفايا أو كواليس النظام الاقتصادي ومدى تنفذ اللوبي الصهيوني فيه، ولكن الجميع حتماً سيعلم عن وجود يد خفية سعت لإفشال صفقة إدارة الموانئ الأمريكية من قبل الإمارات.

أمام هذا المشهد المعقد لنا أن نعقد مقارنة بين خبثه وحرفيته وبين العمل الجنوني الأخرق الذي قامت به جماعة (سبتمبر11)، مجموعة الصبية الانتحاريين الذين أطروا هوية التواجد العربي والإسلامي في العالم بداخل إطار الإرهاب والتوحش والدموية إلى الأبد، وجعلوا من العرب جماعة عاجزة عن التعايش والتمدن وتوسل مناورة الضعيف الذكي للحصول على الحقوق.

لا يشبه الاندفاع الأخرق لهدم برجي التجارة، سوى الهجوم الأهوج لجماعة صقور البيت الأبيض على العراق وأفغانستان...... عندما تتلاشى ضوابط العقل وتستبدل بالتوحش.

في عهد رؤوس الأموال والشركات العابرة للقارات، لم تعد الجيوش الجرارة هي التي تقدم الحل، وترفع رايات النصر، بل رجال الأعمال، ببزاتهم الأنيقة، وحقائبهم السوداء المليئة بالصفقات.

علم صغير أبهجني في نيويورك، على حين أن منطقة صفر التي كانت موقعاً لرفات برجي التجارة سوف تبقى رمزاً للتوحش والدموية في تاريخي إلى الأبد.

العام السادس للاحتلال الأمريكي للعراق...... وما زال الخطاب الدموي المتوحش يصرع خطاب العقل والمدنية والانتصار للإنسان على حساب الفكرة.







لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد