Al Jazirah NewsPaper Monday  14/04/2008 G Issue 12982
الأثنين 08 ربيع الثاني 1429   العدد  12982
الرئة الثالثة
ربع قرن من الكفاح.. لمقاومة الإعاقة!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

احتفلت جمعية الأطفال المعوقين قبل حين بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقتها المباركة منذ ربع قرن، وهي ذكرى غالية في نفوس العديد من رموز هذا المجتمع، سواء منهم الذين شقوا بها حلماً، ثم حلمُوا بها فكرةً، قبل أن ينشئوها حقيقة من عدم، أو الذين بذلوا الجودَ والموجودَ لدعمها هدفاً وموضوعاً، أو عملوا في سبيلها ومن أجلها ليلاً ونهاراً، حتى غدت ملء العيون والأبصار في أكثر من منطقة من هذا الكيان الغالي.

* وأتذكر هنا بتقدير وعرفان جهود المؤسسين الأوائل لهذا المشروع، يتقدمهم منشئ المبادرة النبيلة معالي الدكتور غازي القصيبي ورجلا البر الشيخ سليمان العليان رحمه الله، والشيخ عبدالعزيز الشويعر - حفظه الله -، ومعالي الأخ فهيد الشريف، أول أمين عام للجمعية، وغير أولئك كثيرون.

* والمشروع نموذجٌ رائع للعمل الوطني التطوعي، ولدَ بمبادرة كريمة من فاعلي الخير من أبناء هذا البلد ليقرعوا بفعلهم الأجراسَ ويوقدوا الشموعَ تنبيها لهذه الظاهرة الإنسانية في مجتمعنا، محاولين بذلك إخراجها من دهاليز (العيب) مما لم يكن يحسن الاعترافُ به، ناهيك الحديث عنه!

* لقد وجدت الإعاقة في بلادنا على نحو أو آخر منذ فجر هذا الكيان، لكنها ازدادت حجما وعظمت حضورا بفعل التحولات الباهرة في أساليب العيش، وكان للسيارة دور هام في تكثيف حضورها إحصائياً بفعل الحوادث المؤسفة التي تشهدها المدن والقرى.. بل والأرياف، إضافة إلى الأسباب الأخرى المنشئة لها، بسبب ممارسات خاطئة في المجتمع.

* من جانب آخر شرفت بخدمة ذلك المشروع الإنساني الكبير على مدى تسع سنوات متتالية عبر عضوية مجلس إدارته، بقيادة رائد الخير وفاعله. صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وكان حماسة وعزمه وإصراره على العبور بهذا المشروع إلى مشارف الغد الأفضل.. وقوداً روحياً لي ولزملائي الكرام الذين سعدت بزمالتهم في عضوية المجلس نحو عقد من الزمان، وكنت بعد ذلك أتمنى الاستمرار خدمة لهذه الجمعية الفتية، لولا أن تقاطعَ همها مع مسؤولياتي الجديدة في مجلس الوزراء، فطلبتُ من سمو رئيس مجلس الإدارة إعفائي من الترشيح لفترة جديدة، وكانت لحظة لا تنسى عبرتُ عنها لسموه برسالة مطولة.

* ولقد كانت فترة عضويتي في مجلس إدارة الجمعية من أجمل محطات حياتي، شهدتُ خلالها العديدَ من التحولات المفصلية في أدائها، عبر مركزها الرئيسي في الرياض، قبل أن يتمدد إشعاعها خارج حدود المنطقة الوسطى ليعمَّ مناطقَ أخرى، بدءاً بمكة المكرمة، فالمدينة المنورة، وكنت شاهداً على ولادة بعض تلك المشروعات.

* ولعل من أبرز ملامح تجربتي في خدمة الجمعية وأكثرها إمتاعاً في حياتي الشعور المطرزُ بالحماس الدائم لمشاركة زملائي المجلس الآخرين رئيساً وأعضاء مسؤولية الارتقاء بهذا المشروع إلى مستوى أفضل، رؤيةً وأداءً، ولذلك، كانت هذه المشاركة تتخذ أبعاداً متفرقة من البذل خلال الفترات المسائية، إما حضوراً لاجتماع مجلس الإدارة أو اجتماع لجانه العديدة المنبثقة عنه وكان التلاحمُ والتعاضد الأخوي بين الجميع هو القاسمَ المشتركَ بين السادة الأعضاء.

* أخيراً، أود أن أختم هذه المداخلة القصيرة بالوقفات التالية:

أولاً: نجح فريق سمو الأمير سلطان بن سلمان عبر أكثر من عقدين من الزمن في تحويل الإعاقة من هاجس خاص يسكن دهاليز الوجدان الاجتماعي، بعيداً عن دوائر الإشعاع الإعلامي - إلى همِّ وطني يتحدث عنه الخاص قبل العام من الناس، فجأة، غدتْ وسائلُ الإعلام تلاحقُ وترصد وتبث الأنباء والأحاديث والتعليقات عن الإعاقة: هماً وجهداً وعلاجاً، فكانت حديثَ المجالس جهراً، لا مسألة يتداولها الناس على استحياء همسا!

ثانياً: نجح الفريق ذاته في استقطاب انتباه الجهات المسؤولة في الدولة على أرفع مستوى اهتماما بموضوع الإعاقة، وتأكيدا للعزم على مجابهتها علاجا ووقاية، وكان للجمعية نصيب كبير من هذا الاهتمام، سواء في الأزر المادي أو التسهيلي لإجراءات التنفيذ.

ثالثاً: فتحت الجمعية (ماراثون) السباق الجميل بين أهل الخير وفاعليه، على مستوى المملكة قاطبة تنافساً في خدمتها، ودعماً لمشروعاتها، وقد كرمت الجمعية بدورها الكثيرين منهم بوسائل عديدة، وأفسحت المجال لبعضهم للمشاركة في مجلس إدارتها، واللجان المنبثقة عنها.

رابعاً: استنفرت الجمعيةُ جهودَ الباحثين المتخصصين لتعميق المعرفة العلمية بالإعاقة، والتحذير من أسبابها، وتوصيف سبل مكافحتها، مع التركيز على المدخل الوقائي لها، وكان من أبرز الإنجازات في هذا السبيل وأجلها أثرا مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، الذي خلع عليه سمو الأمير الإنسان سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله اسمه وجودهَ وجاههَ.

خامساً: نجح سلطان بن سلمان ومن معه في تأسيس حزامٍ متينٍ من التعاطف والتعاون من لدن شرائح متعددة من المجتمع، رجالاً ونساءً، لدعم جهود الجمعية ومشاركتها، مادياً وأدبياً، لمكافحة الإعاقة، وطرحها هما وطنيا يعنى به المسؤولُ والمواطنُ المعني بالإعاقة.. ومعهما عابر السبيل!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد