Al Jazirah NewsPaper Monday  14/04/2008 G Issue 12982
الأثنين 08 ربيع الثاني 1429   العدد  12982
المؤسسة العامة وعصر التدريب التقني
محمد بن صالح الفايز

تسعى كثير من الدول إلى الاهتمام المباشر وغير المباشر بتدريب الكوادر البشرية، وتأهيلهم التأهيل الجيِّد على مختلف فنون التقنية الحديثة ... كيف لا ونحن في عصر تتحكّم فيه وتديره وتهيمن عليه تلك الدول التي تمتلك زمام التقنية ...!

ومما لا شكّ فيه أنّ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، قد أحسنت حين بادرت إلى استثمار طاقاتها وقدراتها لجعل التدريب التقني والمهني هدفاً أساسياً لها، فكانت خطوتها الأولى إلى تغيير مسمّاها من التعليم إلى التدريب ... فهذه الخطوة جميلة وتُشكر عليها المؤسسة العامة والقائمون عليها، إلاّ أنّنا نحتاج إلى تفعيلها أكثر على أرض الواقع لكي نحقق الهدف المنشود، ويصبح التدريب لدينا يُشار له بالبنان، لنصل إلى المنافسة الحقيقية المبنيّة على خطط وأُسس علمية تطبيقيّة تحمي مخرجاتها من الفشل في مجال العمل لتخرج في نهاية المطاف مهنيين وتقنيين مدرّبين ومؤهّلين التأهيل الجيد الذي يكفل بقاءهم وإبداعهم في مجال تخصصاتهم التقنية.

وفي تصوُّري أن النجاح في تطبيق التدريب بالشكل الصحيح، لن يتم إلاّ عبر بعض الخطوات:

الخطوة الأولى:

التخلُّص التدريجي من أنظمة التعليم الموجودة داخل وحداتها التدريبية من كليات تقنية ومراكز تدريب: فما زالت المحاضرات والمواد العامة والقاعات الدراسية موجودة داخل أروقة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني!، فلا بدّ أن يشعر المتدرّب أنه حضر إلى الكلية التقنية أو مركز التدريب المهني ليستمع إلى صوت الآلة، بدل أن ينصت لشرح المواد الدراسية ويحمل معه العُدد والأدوات اللازمة، بدل الكتب التي يحملها طيلة فترة تدريبه بالكلية، والتي في الغالب ليس لها علاقة مباشرة بمواد تخصُّصه ، ويرتدي بدلة التدريب بدل الزي الرسمي - الثوب والشماغ أو الغترة - فما لم يتحقق هذا الأمر، فلن نستطيع أن نطبق التدريب الفعلي الذي نطمح إليه.

الخطوة الثانية:

التدريب عبر الورش المفتوحة وعدم الاكتفاء بالتدريب داخل الورش المغلقة فلا بدّ من الاهتمام بشكل أكبر بالواقع العملي للتدريب، فلو تم إنشاء ورش متكاملة أو مراكز صيانة متقدمة على أسوار الكليات التقنية ومراكز التدريب المهني بواقع ورشة لكل كلية أو مركز تدريب، بحيث يعمل ويتدرّب بها الطالب قبل وبعد تخرجه فترة معيّنة تبدأ من سنة وتستمر إلى ثلاث سنوات، فالسنة الأولى تكون إلزامية أي من متطلّبات الدراسة المهنية أو التقنية، وبعدها متى ما وجد الخريج فرصة جيدة ذهب إليها وهو متقن ومدرّب التدريب الجيد، وهذه الورش التي يتدرّب فيها الخريج مفتوحة لعامة الناس وتستقبل العملاء بأسعار مخفّضة، ويشرف على المتدربين فيها فنيون و تقنيون مهرة من المدربين الأكفاء وممن أثبت كفاءته من الخريجين، فهي عبارة عن مراكز صيانة للسيارات أو الأجهزة الكهربائية أو غيرها من مراكز الصيانة التي تدرّب عليها الطالب أثناء تخصصه ودراسته المهنية، وبذلك ستكتمل دائرة التدريب.

الخطوة الثالثة:

بناء شراكة إستراتجية تدريبية مع القطاع الخاص: فالمؤسسة العامة تلتقي مع القطاع الخاص في كثير من الأمور، ومع ذلك فإنّ تعاونها في مجال شراكتها في التدريب يعتبر من وجهة نظري ضعيفاً ولا يصل إلى الصورة المطلوبة، وهذا التقصير ناتج عن أسباب كثيرة من أبرزها كون القطاع الخاص لديه معاهد ومراكز تدريب خاصة به يكتفي بخريجيها دون غيرهم، فلو استطاعت المؤسسة أن تكسر هذا الحاجز لتبني شراكة حقيقية مع الشركات المتميزة في بعض مناطق المملكة، وذلك عبر أشراف بعض الشركات المتميزة على بعض كلياتها ومراكز المؤسسة، وكذلك تدريب طلابها لدى هذه الشركات والمصانع، مما يسهم في رفع كفاءة مخرجاتها وزيادة مهاراتهم التدريبية

الخطوة الرابعة:

مواكبة الجديد في عالم التقنية: إنّ التقدم السريع في عالم التقنية يفرض على المؤسسة أن تعيد حساباتها في إلغاء بعض التخصصات وإضافة تخصصات أخرى جديدة لتواكب التغيرات ومتطلّبات سوق العمل، فإن تخصص السباكة أو النجارة أو الكهرباء أو الحاسب الآلي .. على أهميتها لم تعد كافية، ما لم ننظر بعين الاعتبار إلى دراسة كل جديدة في سوق العمل الذي نعمل من أجله.

الخطوة الخامسة:

التدريب الإنتاجي: إن المؤسسة العامة، عبر وحداتها من كليات تقنية ومراكز تدريب تمتلك بنية صناعية جيدة، فلديها الورش والآلات اللازمة والمدربون المهرة والتقنيون والمهنيون من المتدربين، فتستطيع بذلك تصنيع الكثير من المنتجات الجيدة داخل هذه الوحدات، والمنافسة في الكثير من الصناعات عبر الاهتمام بشكل أكبر بالتدريب الإنتاجي، ومطالبة كل مركز أو كلية تقنية بمنتجات صناعية سنوية ليتم اعتماد الجيد منها، وبذلك ستساهم في إشعال روح التنافس التقني بين هذه الوحدات من كليات ومراكز تدريب مهني، وجعلها في حراك مستمر، مما يزيد بشكل كبير في تغذية روح الإبداع التقني لدى تلك الوحدات.



mohamad133@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد