Al Jazirah NewsPaper Monday  14/04/2008 G Issue 12982
الأثنين 08 ربيع الثاني 1429   العدد  12982
دفق قلم
شرعاء وغصون والإهمال
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

كما ودَّعت الطفلة (غصون) هذه الحياة محمَّلة بآلامها وأحزانها، وحسرات قلبها الصغير البريء على يد أبيها وزوجته اللذين قتلاها بدماءٍ باردة، ودَّعت كذلك الطفلة (شرعاء) ذات الأحد عشر عاماً الحياة محمَّلة بآلامها وأحزانها وحسرات قلبها الصغير البريء.

لقد سردت الصحف قصة (شرعاء) فكانت قصة داميةً ذات دلالات مؤلمة، في مجتمع مسلم، وأسرة مسلمة.

(شرعاء) قضت حياتها في قلق وأرق وخوف مستمر، وفي منزلها الذي يفترض فيه أن يكون مقرَّ أمنها وهدوئها وراحتها وسعادتها، ولكنه أصبح غابةً صغيرة موحشة لا تلقى فيه (شرعاء) إلا الظلم، والضرب الشديد، والإهانة، والتحطيم النفسي، ومن قِبَل مَنْ؟ من قبل أبيها، وزوجته، في غياب أمِّها المطلَّقة المتزوِّجة بزوج آخر.

مَنْ المسؤول عن استمرار معاناة (شرعاء) حتى كان الموت على يد أبيها وزوجته مصيرها كما ذكرت القصة؟.

في تفاصيل المأساة ما يجعلنا نشعر بأن عدداً من الجهات مسؤول عن هذه المأساة.

لقد صرَّحت جدَّة (شرعاء) التي سُمِّيت هذه الطفلة الضحية باسمها بأنها قد بذلت جهوداً كبيرة، لإنقاذ حفيدتها الصغيرة، ولكنَّ جهودها باءت بالفشل لعدم وجود الحماسة المطلوبة من الجهات الأمنية التي كانت الجدَّة تتقدم إليها بين وقتٍ وآخر، وهي بالتحديد شرطة حي (المنار) في الرياض، حيث تقدَّمت (شرعاء) الجدَّة الحزينة الباكية بتسعة بلاغات إلى الشرطة لم تستطع أن تثير الاهتمام الأكبر بقضيّتها، والاستيعاب القوي لمأساة حفيدتها، طالبت الجدَّة بنقل حضانة صغيرتها الجريحة إليها، مؤكدة في مطالباتها أنَّ ابنها (والد الطفل) ليس أهلاً لرعاية ابنته وحضانتها، ولكنَّ مطالباتها لم تُجْدِ؛ لأن رأي الشرطة وفق الشكل الظاهر للقضية كان يخالف رأي الجَدَّة، فالأولى بحضانة البنت ورعايتها أبوها. هنا نتوقف.نعم، قد يكون هنالك تعليمات من الناحية النظامية بهذا الشأن، ولكنَّ مراجعة الجدة تسع مرات للجهات الرسمية لافتة للنظر، فلماذا لم يتم التعامل مع هذا الموضوع بصورة أكثر جدّيةً وتفاعلاً؟ ولماذا لم يتم التأكد من وضع (شرعاء) في منزل أبيها لتأكيد أو نفي ما تذكره جدَّتها؟ ولماذا لم يتم التعاون مع المدرسة في هذا الشأن؟

أسئلة كثيرة يثيرها هذا الوضع الذي يُدمي القلب.

أما هذه الحالة التي تتكرَّر في بلادنا في التعامل مع براءة الأطفال فهي بحاجة إلى اهتمام خاص، ومتابعة مباشرة، وإطلاق حملات مكثَّفة للحدِّ من العنف ضد الأطفال، والله المستعان.

إشارة:

اللهم إنا نعوذ بك من قسوة القلوب وسوء الضمائر

www.awfaz.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد