Al Jazirah NewsPaper Wednesday  16/04/2008 G Issue 12984
الاربعاء 10 ربيع الثاني 1429   العدد  12984
بالبلوتوث القروض الإسكانية.. بين الرؤية المستقبلية للهيئة العامة للإسكان واشتراطات صندوق التنمية
تركي بن منصور التركي

إن المتأمل في النمو المطرد في قطاع الإسكان خلال العقدين الماضيين، لن ينسى دور صندوق التنمية العقارية في منح ما يقارب من 500 ألف مواطن قروضاً عقارية بخصم 20% وفترة سداد تصل إلى 25 عاماً، هذه الحقيقة لن ينكرها إلا جاحد.

ورغم أن رقم المستفيدين من قروض صندوق التنمية العقارية يمثلون أقل من 2.5% من إجمالي عدد السكان في المملكة من السعوديين حسب آخر تعداد سكاني (رجالاً ونساءً - بالغين وغير بالغين)، وما نسبته 17% تقريباً من المستحقين للقروض حسب شروط الصندوق ممن هم أكبر من 21 عاماً، إلا أن هذه القروض حققت (بعض) أهدافها، في تمكين المواطنين من الحصول على مساكن خاصة في ظل شروط إقراض غير ربحية وإن وصلت مدة الانتظار لدى البعض لأكثر من 15 سنة، وهي مدة قياسية تخلق أكثر من علامة استفهام ليس للواقع الحالي بل للمستقبل، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن قرابة 56% من سكان المملكة هم أقل من 19 سنة حسب تعداد 1425هـ، مما يعني أن المستحقين والذين ينتظرون (دعم) الصندوق سيزدادون إلى الضعف، وهذه المسألة لا بد أن تحظى باهتمام من الهيئة العامة للإسكان التي صدرت بقرار من خادم الحرمين الشريفين أواخر عام 2007 التي حلت محل وزارة الإسكان والأشغال العامة، والهيئة يُناط بها تنفيذ دراسات مسحية من واقع النمو السكاني وانتشاره في المملكة، وإيجاد حلول تكفل للمواطنين الحصول على قروض أسوةً بأقرانهم السابقين، ومن المهم أن تتوسع الدراسات لمناقشة دور القطاع الخاص بتمويل المساكن للمواطنين، وفق ضوابط وآليات تكفل للطرفين تحقيق الفائدة المرجوة، بعيداً عما هو حاصل في الوقت الراهن من (استغلال) من قبل بعض المؤسسات الخاصة - ومع الأسف - العامة كمصلحة معاشات التعاقد التي سبق دخولها مجال التمويل الإسكاني هالة ظن معها الجميع أن الفرج سيأتي معها، بينما لم تذهب بعيداً عن (استغلال) شركات القطاع الخاص الممثلة بالبنوك وشركات التمويل الشخصية..!!، أقول إن الهيئة معنية بالدرجة الأولى لمراجعة خططها المستقبلية وإيجاد بدائل ممكنة، لعل من أبرزها زيادة مخصصات صندوق التنمية العقارية مع إقرار ضوابط تكفل عودة المبالغ لمن تم إقراضهم.

أعود لصندوق التنمية العقارية، وأقول إن مساهمته منذ أن صدر قرار تأسيسه عام 1994هـ وحتى عقدين تقريباً كانت فاعلة ومؤثرة نحو إيجاد مساكن مناسبة وغير مكلفة للمواطنين، فلو تأملنا التكلفة التي يتكبدها المواطن عند قيامه ببناء منزل خاص قبل أكثر من 25 سنة لوجدنا أنها لا تزيد على الـ300 ألف ريال، وإذا خطونا نحو الأمام أكثر أي قبل 15 عاماً لوجدنا أن الـ300 ألف ريال تكفي مع تكبد المواطن زيادة قد لا تصل إلى أكثر من 150 ألف ريال، لكن المتأمل في وضع التكاليف في الوقت الراهن يلمس أن مبلغ 600 ألف ريال بالكاد يفي ببناء سكن (مناسب) يراعي فيه المواطن حاجته الحالية والمستقبلية، وهذا ناتج بالتأكيد إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء التي بلغ الارتفاع في بعضها قرابة الـ100% وفي أقلها وصل الارتفاع إلى 40%، وهنا يتعين على الصندوق مراعاة ذلك في زيادة مبلغ الإقراض للمواطن، مع التأكيد على أن المواطن لن يعتمد بشكل كامل على قرض الصندوق، لكن رفعه إلى 400 ألف مثلاً من الممكن أن تمنح المواطن فرصة أكبر للاستفادة من القرض، مع أنه لن يعدم اللجوء إلى قروض تمويلية ربحية يسند من خلالها ما سيأخذه من الصندوق، وهنا أشير إلى ظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة والصندوق على اطلاع بها، وهي ظاهرة بيع القرض، أو التنازل عنه وعدم الاستفادة منه بسبب عجز المواطن عن تدبر بقية المبلغ الذي يعمل على إنجاز سكن مناسب له ولأسرته.

المسألة الثانية المتعلقة بالصندوق، هي ما يتعلق بالدفعات التي يقدمها للمواطن، حيث تبلغ قيمة الدفعة الأولى 30 ألف ريال فقط.. ولن يتمكن المواطن من الاستفادة من الدفعة الثانية 120 ألف ريال لن يتسلمها المواطن إلا بعد انتهائه من بناء كامل العظم للدورين..! علماً بأن العظم يكلف في أسعار هذه الأيام للمباني المتوسطة أكثر من 200 ألف ريال..!! وهو ما يطرح السؤال الكبير: ماذا ستفعل الـ30 ألف ريال لإنجاز العظم..!؟ ورغم أن إقرار الدفعات بهذه الصورة كان له ما يبرره في السابق، إلا أن بقاءها حتى الآن في ظل الارتفاعات الخيالية لأسعار مواد البناء يبقى أمراً غريباً وغير مبرر، وبإمكان الصندوق إيجاد ضوابط أكثر أو تجزئة مبلغ الـ120 ألف ريال على الانتهاء من صب الدور الأول والجزء الآخر بعد الدور الثاني، مما يعين المواطن الذي قد يجد نفسه في اللحظة الأخيرة مضطراً للتنازل عن حلم أنتظره أكثر من 15 سنة، بسبب عدم قدرته على إكمال المبنى (عظم) بمبلغ 30 ألف ريال فقط..!!

إن الدولة - حفظها الله - بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهما الله - حريصة على تلمس حاجات المواطنين والعمل على حلها، وما زيادة ال15% قبل أعوام وال5-15% الأخيرة إلا دليل على ملامستهما لهموم المواطن المعيشية، ومن باب أولى أن يكون للوزارات والمؤسسات الحكومية جهد مماثل يمنح المواطن حقه في الحصول على فرص للعيش الكريم في هذا الوطن الآمن، وقد كتبت السطور السابقة بعدما لمسته من شكاوى ومعاناة لمواطنين تتعلق بهذا الأمر، رغم انتهائي بفضل الله ومنته من سداد كامل القرض المستحق عليَّ وعدم انتظاري في موكب المنتظرين، شاكرين لجزيرتنا الغراء إتاحتها الفرصة لقلمي لطرح هذا الموضوع الذي يهم كثيرين من أبناء وطني الحبيب.



Tmt280@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد