Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/04/2008 G Issue 12985
الخميس 11 ربيع الثاني 1429   العدد  12985
المعلمون بين جيلين
محمد إبراهيم فايع - خميس مشيط

من يتأمل مسيرة التعليم عندنا لا يمكنه إلا أن ينصف الجيل المؤسس ومن واكبهم وواكب بدايات التعليم ومن جاء بعدهم من معلمين وطلاب هم اليوم من يحمل مشاعل النور ومعاول البناء صبروا وأعطوا وناضلوا ورسموا البدايات، وها نحن نشهد المعلمين اليوم يسيرون على نهج الرواد ولكن شتان ما بين جيل عشق كل ما يقوم به من مهام وأعباء وما يشعر به من انتماء حتى أن بعضهم كان يمر بمدرسته في أوقات العصر وفي الليل وهو يرقعها بنظرة حب وود وانتماء ويمسح جدرانها وإذا ما تقاعد أو حانت ساعة تقاعده الرسمي شعر بفراق المدرسة وطلابها وزملاء العمل وكأن لسان حاله يقول:

أكفكف الدمع عن عيني فيغلبني

وأحبس الصبر في قلبي وقد!!

يشعر بأنين وحنين لأن المدرسة والزملاء والطلاب والدراسة جزء غالٍ من عمره الذي راح. بينما جيلنا جيل المعلمين اليوم بعضهم وليس كلهم ليس عنده الانتماء الكامل لمدرسته وهو ما نشكوه بل هو سبب تخاذل بعض المعلمين في عمله لأنه ينظر إليه على أنه وظيفة ويربطه مع وزارة التربية والتعليم عقد وظيفي ليس أكثر سمعت من يسخر من جهود المعلمين وهو أحدهم وسمعت من يقول لدي ما يكفيني من المال ولكن وجودي الآن فيه لقضاء الوقت وسمعت مدير مدرسة يسخر من مناشط المشرفين التربويين لأنه لا يريدها وجهة النظر هذه ليست معممة لأن لنا زملاء معلمين يعطون بإخلاص ويعملون بحب ويجتهدون في تطوير مهاراتهم وقدراتهم ويذكروننا بالرعيل الأول الذي أحب عمله وأعطاه جهده يذكر لي أحدهم قصة وأكثر عن تجشمهم للصعاب وصعودهم لجبال ونزولهم للسهول وكيف كان بعضهم يدّرس كبار السن في العصر في القرية أو الهجرة التي وجه للعمل فيها وكيف أن مدير التعليم حضر إلى مدرسة لمتابعة الاختبار عندما كانت المرحلة الابتدائية تشهد استنفاراً لشهادة الصف السادس وتعدلها لجانا فعندما رأى أن الإضاءة غير كافية عاد إلى المدينة ليشتري على حسابه (ماطوراً) محرك كهرباء وعاد يحمله على أكتافه وهو يقطع عدداً من المزارع لأن السيارة لا تصل إلى حيث المدرسة فسار على قدميه. رحل هذا المدير عن دنيانا غير أن ذكراه ما زالت باقية رحمة الله عليه.

أنا أتمنى على جيل المعلمين اليوم يعرفون بعض القصص والحكايات لجيل الرواد ومن جاء بعدهم من المعلمين لأن بعض الجيل الجديد يؤلمك في تصرفه وردات فعله وتستهجن بعض كلامه واندفاعاته وهو من؟ هو المعلم الذي تلقى علوم ونظريات التربية الحديثة واطلع على أساليب واكتسب طرائق ومهارات حديثة في التدريس ولكنها مع الأسف عند بعضهم وليس كلهم لم تظهر بشكل يجعلك تقول لقد تأثر وسيؤثر بشكل إيجابي، يؤلمك عندما تسمع هذا الجيل الجديد من المعلمين وهو يفرح عندما يغادر المدرسة ويكره العمل ولا ينفك عن سؤال متى يحق لي أن أتقاعد مبكراً ولا يتنازل عن حقوقه وعندما يطلب منه مدير المدرسة أن يقوم بواجباته ويشترك في أنشطة مدرسته أو يستلم جدوله أو يطلب منه الإعداد لدروسه أو الدخول لحصته أو الحضور مبكراً لمشاركة طلابه فرحة الصباح واحتفالية الاصطفاف الصباحي أو يعد للإذاعة مع طلابه أو يدخل في حصة انتظار لغياب أحد زملائه أو ليؤدي مهمة المناوبة والإشراف مع طلابه حتى لا يصاب تلميذ بأذى تجده لا ينصاع لمدير مدرسته وقد يدخل في جدل وقد لا يتورع في اقتراف ما هو أكثر من هذا فأين روح الانتماء عند بعض المعلمين لعمله، لمدرسته كما كان ذاك الجيل من المعلمين.

أنا أعلم بأن ذكر مثل هذا الكلام قد لا يروق لبعضنا لأننا جبلنا على أن نلمع مظهرنا ولا نكشف جوهرنا وهو الأهم وأن نثني ونمدح ولكن لا نتعرض للنقد وأنا أقول ما قاله: (كنت) إن أعظم مهنة يمارسها الإنسان هي بناء الإنسان. هذا القول الكبير لرجل التربية الألماني يدفعنا لأن أسأل عن الإنسان (المعلم) الذي نريده أن يبني الإنسان (الطالب)، من؟ بالله على كل معلم وفي لحظة صدق أن يسأل نفسه كيف هو في عمله؟ وهل هو راض عن جهوده؟ وبعد ذلك هل لديه الاستعداد للتغيير؟ أسئلة كبيرة ولن أزيد في السطور لأجيب ولن أغرق في التنظير أكثر ولكن سأختم بقولي: إن من علامات علو همة المعلم أن لا يبقى في مؤخرة الصفوف ولا يرضى بغير النجاح فالزمن القادم لا يعترف بالمقصر والطلاب اليوم يمارسون التقنية في المنزل والشارع فلم تعد السبورة والطبشورة مقنعتين لطلاب المدارس. ولم يعد لأحد منّا نحن التربويين كل في مجاله عذر في التقصير فدعم الحكومة رعاها الله قد تجاوز 25الجزيرة من ميزانية الدولة لنا للمعلمين للتعليم 105 مليار خصصت للتربية والتعليم فماذا في جعبتنا لنرد الجميل ونقوم بالواجب؟

أنا هنا أتحدث عن المعلم لأنه العنصر الأهم في ميدان التربية والتعليم ولأن هناك معلمين غير عاديين في آرائهم بل هم قمة في عطاءاتهم لو بحثنا عنهم لوجدناهم في كل مدرسة ولكن مع الأسف أن بطاقة الأداء الوظيفي ساوت بينهم وبين المعلمين المتخاذلين ولم تمايز بينهم لينال المجتهد نصيبه كما أن المسيء لا بد أن يشعر بتقصيره الأمر الذي يدعوني إلى مراجعة عناصرها وإدخال بنود أخرى تكون أكثر دقة في إبراز عناصر التميز والقصور.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد