Al Jazirah NewsPaper Friday  18/04/2008 G Issue 12986
الجمعة 12 ربيع الثاني 1429   العدد  12986
نقاط فوق الحروف
رحم الله موتانا وموتاكم
محمد بن سليم اللحام

عند وقوع مصيبة الموت تجيش المشاعر الإنسانية ولا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون فهناك ظروف خاصة للتعامل مع هذه الظروف تحيط الأحداث بنوع من التحفظ والتوقير.

ونحن في هذه الأثناء يجب أن نذكر أننا شهداء لله في الأرض نتعامل مع هذه الظروف على أساس المسؤولية فقد مرت جنازة على الرسول صلى الله عليه وسلم فأثنى عليها الصحابة بالخير، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبتْ). ثم مرت جنازة أخرى، فذكرها الصحابة بالشر، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبتْ). فسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم عما يريده بقوله هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرّاً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض) (متفق عليه).

وإننا في التعامل مع مصائب الوفيات لا نملك إلا أن نقول غفر الله للميت وخلف على أهله بالصبر والسلوان وهناك منهج شرعي في التعامل مع من فقد له فقيد من تعزيته ومواساته والأخذ بيده ليتجاوز هذه المحنة ويخفف عنه. وإن هذا المنهج الشرعي يقابله كذلك منهج شرعي في التقاضي لو كان هناك شبهة جنائية في هذه الوفاة ويؤكد النظام أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وهو يحظى بالحقوق في الشريعة الإسلامية أياً كان.

وفي هذا الإطار نرى أن الإسلام أحاط بالمتوفى وذويه والمتهم بإطار شرعي للتعامل مع هذه الأحداث لكي يتم التعامل مع هذه الحوادث بكل دقة دون إثارة وتجييش وبلبلة هي في النهاية عبارة عن سهام توجه لقلب استقرار المجتمع المسلم، مع أن المجتمع المسلم محكوم شرعاً بكل شيء فهناك ولاة أمر ترجع الأمور إليهم وهناك سلطات ضبط جنائي وهناك سلطات مسؤولة تتولى التحقيق والتدقيق في النتائج وهناك جهات قضائية للخلوص للنتائج المحكّمّة.ومع ذلك نرى أناساً دأبهم تهييج الناس واستثارة مشاعرهم والتعدي على خصوصياتهم والتعدي على حرمات موتى المسلمين والتدخل في اختصاصات ولاة الأمر والطعن في مؤسسات المجتمع العاملة على تحقيق العدالة واستباق الأحداث وإصدار الأحكام في استخفاف لمسلمات المجتمع وتخطٍ لخطوطه الحمراء التي ارتآها ووضعها الشارع الحكيم لنا كمسلمين.

وإن مما أعجبني في هذا المجال مقالة فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء الذي عنونه ب(اقلوا عليهم لا أبا لأبيكم) ونشر في صحيفة الجزيرة يوم الأحد 7-4-1429ه، وأكد فيه على نقاط مهمة منها:

- تولي أمر المسلمين والنظر في وقائع المجتمع لولاة الأمر وهم العلماء والأمراء على ضوء ما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنّ ذلك خير للمسلمين في حل مشكلاتهم وأحسن مآلاً من أن يتولى النظر في ذلك دهماء الناس ومن ليس من شأنه النظر في قضايا المسلمين أو لا يحسن النظر فيها، فإنّ ذلك شر وأسوأ عاقبة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنّ من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في عقر بيته).

- التعجب من تدخل بعض وسائل الإعلام كأنها وكيل عن المدعي وتتولى نشر مجريات التحاكم قبل أن تنتهي الخصومة وتقوم بإصدار الأحكام قبل صدور الحكم وتُشاع مجريات القضية بين الناس كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ} (83) سورة النساء.

- تداول ونشر وتجييش وحشد الناس بهذه الطريقة ليست مسؤولة الإعلام الهادف السامي المقاصد.

- حق رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علينا المناصرة والتشجيع والدعاء لا الانتقاد والتهوين من شأن مهمتهم وتتبع زلاتهم.

- رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصحاب فضل ويكفي لفضلهم أن يعاملوا بموجب الشرع المطهر الذي يحفظ لهم الحقوق ويؤمن لهم التقاضي الشرعي بعيداً عن الشحناء والتداعي الغوغائي ويحفظ حقوق المتوفين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد