Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/04/2008 G Issue 12987
السبت 13 ربيع الثاني 1429   العدد  12987
يارا
عبدالله بن بخيت

من الواضح أن قضية البنغاليين لا تريد أن تنتهي إلا بإجراءات استراتيجية تعيد النظر في مُسلَّمات كثيرة. صارت قضية أساسية على صفحات الجرائد. في الأشهر الأخيرة لم أقرأ مقالاً أو خبراً واحداً إيجابياً عن البنغال؛ فالصحف تتسابق على أخبارهم السيئة.

هل قضية البنغال قديمة فجرتها الصحف مؤخراً أم أنها قضية جديدة بدأت بالانبعاث لما جَدّ من أسباب؟ كم عدد البنغاليين في المملكة؟ وما نسبتهم إلى العمالة الوافدة؟ وما نسبة الدرجة التعليمية بينهم؟ وما هو معدل رواتبهم؟ وما هي الطرق والإجراءات التي اتبعت في التعاقد معهم؟ مجموعة كبيرة من الأسئلة يمكن أن تفيدنا لا في حل مشكلة البنغاليين، ولكن في حل مشكلة العمالة ككل. قضية البنغاليين ليست معزولة، وليست فريدة من نوعها، ولكنها إنذار بأن إدارة استقدام العمالة إلى المملكة يشوبها كثير من الثغرات التي لا تظهر آثارها إلا بعد سنوات. أول قضية يدركها حتى الرجل العادي أن معظم العمالة التي تفد إلى المملكة عمالة بسيطة جداً، وغير مدربة، ولا تملك أبسط الأسس المتعلقة بالحضارة الحديثة، ولا تملك حتى القدرة على قبول الاختلاف الثقافي. معظمهم يأتي من قرى نائية موغلة في العزلة، لم يرَ بعضهم في حياته السيارة أو التلفزيون، بل إن بعضهم لم يرَ باباً أو نافذة. الشيء الثاني يتعلق بطريقة التعاقد مع هؤلاء وقبولهم أو رفضهم. يدفع العامل في البلدان الفقيرة كل ما يملكه من مدخرات شخصية وعائلية حتى يحصل على فيزاء عمل في المملكة. لك أن تتخيل إنساناً باع أعز ما يملك للحصول على هذه الوظيفة!! الشيء الثالث أن رب العمل يضع شرطين ساذجين أو ثلاثة، تبدأ بشكل العاملة (سؤال عنصري بامتياز)، وهل هي مسلمة أو غير مسلمة، وهل سبق أن عملت في المملكة أم لم تعمل والعمر. لا أتذكر أن رب عمل سأل عن الجانب الخطير مثل السجل الإجرامي ومستوى التعليم ونوع الأسرة التي تعيش فيها هذه العاملة، وهل هي متزوجة أم مطلقة أم عزباء.. إلخ، وهل سبق لها أن تعاملت مع الأدوات الحضارية، وعن صحتها النفسية والسبل التي اتبعتها للحصول على هذه الوظيفة.

مع الأسف تصاعدت مسألة العمالة في المملكة وتعقدت. تحكمت العصابات في بلدان المصدر، وصارت تحدد نوعية العمالة التي تصل إلى المملكة وفقاً لمصالحها وبعيداً عن مصلحة العامل أو رب العمل. إذا كانت تلك العصابات تحدد نوعية العمالة التي تصل إلى المملكة فمن البديهي أن يكون لتلك العصابات رأي في المستوى الأمني. فمَنْ ترسله تلك العصابات إما أن يكون فرداً منها أو أن يكون ضحية من ضحاياها، وفي كلتا الحالتين الضحية هو المجتمع السعودي.

صدرت مجموعة من الإجراءات للحدِّ من الآثار السلبية للعمالة البنغالية. لن تكفي هذه الإجراءات إلا إذا أخذت قضية البنغاليين نموذجاً مصغراً وبدائياً لما يمكن أن تنقلب إليه مسألة العمالة في المملكة (ككل). إذا استمرت شروط استيراد العمالة على ما هي عليه، واستمرت الحاجة إلى هذا النوع من العمالة (البسيطة) فعلينا أن نتوقع الأسوأ.

فاكس 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد