Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/04/2008 G Issue 12988
الأحد 14 ربيع الثاني 1429   العدد  12988

أوتار
علامات فارقة
د. موسى بن عيسى العويس

 

عرفتهُ (يمنياً) في تلفتهِ خوفٌ

وعيناهُ (تاريخٌ) من الرمد

من خضرة (القات) في عينيه أسئلةٌ

فيها اصفرار (كعودٍ) نصفَ متقدِّ

القيافة أو الفراسة بابٌ واسع أقلها في العرف الاستدلال على بيئة الإنسان من خلال هيئته وشكله، أو لغته ولهجته، أو عاداته وتقاليده، وشعائره وطقوسه، مع يقيني أن هذه العلامات هي من قبيل الأسباب المحسوسة، أو بتعبير أدق قريبة من المحسوسات، وبالتالي قد يكون الاستظهار نتيجة خبرة ودراية، ومعايشة ومعاشرة، وتربية وتعليم، واجتماع ومران، وهنا تنتفي الموهبة والوراثة في هذا الباب، ويصبح الكثير من البشر متساوين في امتلاكها، عدا معدومي الفطنة والنباهة منهم. والشعوب أو المجتمعات التي تتباين تضاريسها، وتختلف مناخاتها يبدو التباين جلياً بين أفراد شعبها، ويتعصى التوحيد أمام كل القوى، أو العوامل التي تحاول صهر المجتمع الواحد، داخل الدولة الواحدة في مظهرٍ، أو سلوك محدد.

* سواء كان المخاطب ذاته، أو غيره، يبدو -الموصوف- في استهلال المقال يمتلك ذكاءً حاداً غير طبيعي، لكن ذلك لا يساوي شيئاً أمام إبداع (الواصف) من خلال روعة التعبير الذي جسدته دقة اللفظ، وبراعة التركيب، وطرافة الصورة الحركية وظرافتها في الوقت نفسه، ولو أن الطب أثبت عكس ذلك لقلت أن (القات) خلف هذا الإبداع من (الأديب)، ولنحينا بالموضوع منحىً آخر. لكن من المؤكد أن (كف البصر) وراء هذا التشكيل الرائع من (البردوني). ولو أتاحت له ظروف حياته التنقل والترحال، لظفرنا منه بجملة من الأوصاف لجنسيات متعددة، بل ربما جزأ لك أوصاف القبائل داخل الكيان الواحد.

* نخرج من هذه المقدمة ونقول: إن العرب أولوا علم (الفراسة) كبير اهتمامهم، وجل عنايتهم، ساعدهم في ذلك بيئة رحبة، صاقلة للموهبة أنّى كانت، وصانعة لها. استدلوا على الذكاء ب (واسع الجبين)،، والغباء ب (عريض القفا)، والشح ب (ضيق العين)، وغيرها من العلامات التي أرى ألا تؤخذ على أنها من قبيل المسلمات.

* يتشعب العرب في هذا الموضوع، وتنسج الروايات والقصص حول هذه الظاهرة، والغريب أنها لم تظهر في هذه الفترة بشكل كبير عند المتاجرين، أو ممتهني التجارة بعقول الناس، كما هو شأن بعض مفسري الأحلام، أو الأضغاث.

* إلى وقت ليس بالبعيد كانوا يستوجبون في القاضي، أو الناضر في القضايا تكامل الحواس، ليستطيع استنباط العلل من خلال اللمحات أو الخلجات التي تبدو من المستجوب، وكل هذا لا يتأتى إلا من رزق بدقة الملاحظة، وعظيم الذكاء كما أسلفت.

* الدين الإسلامي لم يبطل تلك العلوم والمعارف والمهارات، لأنه، ومن خلالها يكشف المستور، ويتبين الحق، وتسترد الضالة، ويعود المفقود. هذا إذا لم تربط بالكهانة، وادعاء علم الغيب، وغيرها من الأمور المحرمة.

* تساؤل يطرح نفسه، هل الأجناس الأخرى تمتلك هذه (الفراسة) كما هو الحال عند العرب؟ وهل وظفنا مثل هذه الأمور في مجالات (التفكير الإبداعي)؟ وهل عني مجتمع من المجتمعات بتبني تعليمها بالتعليم النظامي؟ وإذا كانت من خصائص الجنس العربي فهي نتيجة لشيء ما عندهم؟

dr alawees@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد