Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/04/2008 G Issue 12988
الأحد 14 ربيع الثاني 1429   العدد  12988
شيء من
أعداء الفرح ثانية!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

في خبر نشر هنا في جريدة الجزيرة، جاء فيه: (أوقفت الأجهزة الأمنية بالرياض 12 مواطناً متشدداً ساهموا في إحداث فوضى بمنتزه الدوح غرب مدينة الرياض مساء أمس الأول)، كما جاء في الخبر: (إن الأشخاص قاموا بتكسير عدد من سيارات زوار المهرجان، وبعض محتويات المهرجان، كما طال العبث من مجهولين آخرين لوحات مهرجان ربيع الرياض، وإلحاق خسائر بأمانة مدينة الرياض التي قامت مشكورة بتسخير كافة الإمكانيات لراحة المواطنين والمقيمين خلال إجازة الربيع، حيث يصعب على عدد من الناس السفر خارج الرياض لترفيه أطفالهم. وعلمت (الجزيرة) من مصادر مطلعة أن أمانة منطقة الرياض أجّلت بعض الفعاليات بمنتزه الدوح بسبب تجاوزات مرتادي المهرجان).

وأنا لا أجد لهؤلاء المتشددين المتحجّرين مبرراً لممارساتهم تلك إلا تربية تربوا عليها مؤداها أن فرض رأيك، على الآخرين، هو ضرب من ضروب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولأن هؤلاء المتشددين (جهلة) في الغالب ولأن الإسلام عندهم، وحسب قواميسهم، يعني التجهم والحزن والكآبة والتصومع للعبادة لا يبرحها المسلم إلا للأكل وقضاء الحاجة، جاءت هذه التصرفات التي يحركها من خلف الكواليس أناس لديهم على ما يبدو (أجندة) خاصة هدفها فرض الوصاية على الدولة، وتوجيه قراراتها، بالشكل الذي يجعل الفكر المتشدد في نهاية المطاف هو سيد الساحة، وهو الآمر الناهي، وهو الذي يقود المجتمع، ويقرر الحلال والحرام، والمقبول والمرفوض.

إنَّ مثل هذه التصرفات المتزمتة ليست سوى رأس جبل الجليد، وما تحت الماء أفظع وأشد، وهنا مكمن الخطورة والسؤال الذي يطرحه السياق: أين موقف العلماء والوعاظ من هذه التصرفات الحمقاء والمتزمتة؟ خاصة أن التجارب التاريخية، ونتائجها، علمتنا أن السكوت ومجاملة أصحاب هذه التوجهات ستؤدي بنا إلى ما لا تحمد عقباه.

لك الحق أن تحرم نفسك ومن تعول من كل مظاهر الفرح والسرور والبهجة، وأن تبقى حزيناً متجهماً كأنك والاكتئاب وجهان لعملة واحدة، إذا كانت قناعاتك الدينية أو الأخلاقية، أو عاداتك وتقاليدك الموروثة، تقول ذلك، أما أن (تفرض)، وبالقوة، على من ليس لك عليهم ولاية مثل هذه الاجتهادات فهذا ما لا يمكن قبوله إطلاقاً، ومهما كانت المبررات.

والذي يجب أن يدركه هؤلاء الفوضويون أننا نعيش في دولة يحكمها القانون، وتنظم ما هو مقبول وما هو مرفوض فيها مؤسسات حكومية.

وهذا الاحتفال الذي اعترض عليه هؤلاء الأشقياء هو قرار دولة، اتخذته مؤسسة من مؤسساتها. وعندما تتجاوز القانون، وتتحدى المؤسسات فأنت أحد شخصين: إما أنك متخلف، ما زلت تعيش في الماضي، أي في عصر ما قبل الدولة المركزية المعاصرة، أو أنك متمرد على النظام والمؤسسات، وتسعى إلى نسف النظام العام عن سابق تصور وإصرار وتصميم.

إن مثل هذه التصرفات يجب أن نقف تجاهها بكل حزم وقوة. مجاملة هؤلاء الفوضويين والتسامح معهم، والتراجع تحت ضغوطاتهم، سيخل بهيبة الدولة واحترام أنظمتها. وهيبة الدولة أساس الأمن وضبط الاستقرار في الدولة المركزية المعاصرة كما هو معروف.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد