Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/04/2008 G Issue 12988
الأحد 14 ربيع الثاني 1429   العدد  12988

أبو الشعب..(عبد الله بن عبد العزيز)
حمَّاد بن حامد السالمي

 

في كل مناسبة يتحدث فيها الملك (عبد الله بن عبد العزيز) حفظه الله، فإنه يسجل بشخصيته الفذة، كارزمية متفردة، وحضوراً متميزاً في واجهة الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. الحضور الذي أعنيه لرائد الإصلاح والتجديد في الدولة السعودية اليوم، ليس ذاك الذي عرفناه وتعودناه، من زعامات وقيادات سياسية عربية،

، كان دأبها احتراف الخطاب الشعاراتي، القائم على تأجيج العواطف، ودغدغة المشاعر، وإدخال شعوبها، في دوامة من التوهمات، بين ما هو ممكن وما هو غير ممكن، وبين واقع حال وآخر محال، والاشتغال بترديد الهتافات للزعامات، وتعديد البطولات للقيادات، والنداءات المموسقة، بحياة السيد الرئيس، وأمجاد الزعيم الأوحد، بينما أحلام الناس وآمالهم، تظل دائماً معلقة ومؤجلة.

* ما من مرة تحدث (أبو الشعب)، الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيز، إلا وكانت نبرة صوته عالية لصالح العدل والحق، بحزم وصدق وشفافية. الشفافية التي جهر بها قبل عدة أعوام، يوم أعلن سياسة المملكة الواضحة حيال الإرهاب، وموقفها الصارم من الإرهابيين. قال وقتها بأن المملكة، ترفض العمليات الإرهابية بشتى صورها، وتقف مع كل العالم ضد الإرهاب، وتتعهد بمحاربة الإرهاب حتى تجتث جذوره ولو بعد ثلاثين سنة. لم ينافق أو يداهن في مسألة تمس أمن مواطنيه والعالم كافة، ولم يقلل من حجم الفكر الإرهابي، ولم يهون من خطر الشراذم التي تعتنق هذا الفكر. بالأمس، وقف حفظه الله في واحدة من منارات الأمن، ليس في المملكة وحدها، ولكن في العالم كله. وقف عبد الله بن عبد العزيز متحدثاً وهو المقصود بالتكريم، وسط حضور قيادات علمية تمثل الجامعات العربية، فجعل من تكريمه الشخصي، تكريماً لأبنائه وبناته في وطنه كله. القائد الذي يفخر برجال الأمن في بلده، فيصفهم بالبواسل والأبطال، ويصفهم بالشهامة والرجولة، يعبر في حقيقة الأمر، عن شعور كافة أبنائه وبناته في بلاده. أليس عبد الله بن عبد العزيز هو أبو هذا الشعب. لقد خاطب مواطنيه في أكثر من مناسبة وقال : أنتم أبنائي.

* قال عبد الله بن عبد العزيز وهو يتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة نايف: (هذا التكريم، أقبله نيابة عن جنودنا البواسل، وعن الأبطال الذين يقفون الآن برجولة وشهامة، يدافعون عن مقدسات هذا الوطن الغالي، وأمنه وسلامته).

* إن كل الجرائم على وجه الأرض، مردها نزعات شريرة، ومبعثها لوثات عقلية، وانحطاط خلقي ونفسي. الإنسان السوي بكل تأكيد ضد الجريمة، وجريمة الإرهاب، هي أم الجرائم، وهي أس الشر، ومنتهى الانحطاط، ونبت خبيث، لظلامية وتحجر العقول في هذا العصر. الملك عبد الله حفظه الله، يضع المؤسسات الأمنية في الداخل والخارج، في صورة هذه الحقيقة ويقول : (الجريمة تبدأ في العقل المنحرف المريض، وجرائم الإرهاب بالذات، لا تولد إلا في أشد العقول ظلاماً وضلالة).

* إن الحرب على الإرهاب، تأخذ أكثر من مسار، لعل أهمها وأظهرها المسار الأمني والمسار الفكري. الأمني في بلادنا، حقق أهدافه بجدارة واقتدار، والفكري ما زال في بداياته، والملك عبد الله، الذي تعهد منذ البداية، بكسب الحرب على الإرهاب والإرهابيين، يذكرنا مجدداً بالمسار الفكري، الذي ينبغي أن نكسبه، بحزم القيادة السياسية، وعزم الشعب السعودي كله. لا يمكن أن نحقق كسباً على هذا الصعيد، قبل أن نبدد جحافل الظلام من عقول الظلاميين، ونفكك عقد المتشددين، ونشتت جحافل المتطرفين. يقول أبو الشعب في هذه الجزئية المهمة من خطابه الوثيقة: (حين نتصدى للإرهابيين، يجب أن نتصدى في الوقت نفسه، للفكر القاتل، الذي يحول الشباب المغرر به إلى أدوات قتل وتدمير، ومن هنا تكون أهمية العمل الذي تقومون به في هذه الجامعة الفتية).

* حقيقة الدين، ليست حكراً على المدعين، وليس بين الله وعباده وسطاء من عباده، بأيديهم مفاتيح نيرانه وجناته، والإنسان الحر، لا يقبل وصاية على نفسه من أحد، حتى لو كان هذا الأحد، يتكلم باسم الدين، وحقيقة الدين، لا يملكها ابن لادن وأذنابه، ولا يفرضها ظلاميو هذا العصر ومتطرفوه، لأنهم هم الذين يعكسون صورة بشعة عن دين المسلمين، قوامها النحر والقتل والتفجير والتدمير، ويجعلون من المسلمين وحوشاً في غابة، همها قتل الآخر وسلبه، وتدمير حضارات الأمم، وتفجير مدنها. مثل هؤلاء الذين نراهم اليوم، مروا على التاريخ في أزمنة غابرة، وعصور مختلفة، ولكن أين هم اليوم..؟ يقول أبو الشعب : (إن الإسلام دين الوسطية، ولقد أثبت التاريخ، أن كل المتطرفين عبر العصور، تطايروا في مهب الريح، وبقيت الأكثرية المؤمنة المعتدلة).

* بين عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز - أبو الشعب - وبين عهد والده الموحد والمؤسس جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله، أكثر من نصف قرن مضت. ومع ذلك، تبقى تجربة الملك عبد العزيز رحمه الله، في توحيد القلوب قبل توحيد الجغرافية، ذلك النبراس الذي يهتدي به ملك شهم من أبنائه، جعل همه الإصلاح، ورائده التجديد والفلاح. إن القلوب التي تحلقت ذات يوم، حول قلب الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، فاصطفت معه، حباً وتضحية وأثرة، هي التي تلج اليوم قلب أبيها عبد الله بن عبد العزيز، لتشكل من خلاله، سداً منيعاً ضد أعداء الوطن، وضد المتربصين بأمنه وأهله وترابه الطاهر. هذا قول أبي الشعب عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله: (إن هذا الشعب النبيل الذي سار وراء قائده المظفر جلالة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود رحمه الله، لإقامة دولة تحكم الكتاب والسنة، سيقف بإذن الله، سداً منيعاً في وجه فلول الضلال واتباع الشيطان).

* أيها الملك الهمام (عبد الله بن عبد العزيز)، دمت أباً لكل الشعب الذي أحبك ويحبك،.

* أيها الرجل القائد الشجاع، دمت ملكاً مجدداً، وقائداً مصلحاً، وأباً صادقاً وفياً مع كل أبنائك وبناتك في هذا الوطن العزيز، أولئك الذين يشعرون بقربك، كلما تحدثت إليهم، وكأنك تقول لهم على قول الشاعر العربي:

ليت لي قوة العواصف يا شعبي

فألقي إليك ثورة نفسي

ليت لي قوة الأعاصير إن ضجت

فأدعوك للحياة بنفسي

assahm@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5350 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد