Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/04/2008 G Issue 12991
الاربعاء 17 ربيع الثاني 1429   العدد  12991
مستعجل
التسول.. أصبح فناً واحترافاً..!!
عبد الرحمن بن سعد السماري

عادت ظاهرة التسول التي كانت قد غابت قبل سنوات.. عادت بشكل عنيف لم يشهده مجتمعنا من قبل.. حتى انتشر المتسولون في أكثر من مكان.. وعبر أكثر من طريقة.. واستخدموا كل الطرق.. وكل الأشخاص. وكل ما هو ممكن لابتزاز مافي الجيب.. مستثمرين تلك العواطف الجياشة عند الناس.. ومستغلين طيبة البعض.. ومستغلين أيضاً.. المساجد ولحظات خشوع الإنسان وقربه من ربه..

** يوم الجمعة الماضي.. صليت في أحد الجوامع في شمال الرياض.. وفور السلام على اليمين.. وقبل أن نسلم على الشمال (زعق) أحد المتسولين بالقرب من الإمام بطريقة أرعبتنا.. وكان الشاب في حدود الـ(25) من عمره وربما أقل.. وكان مظهره لا يبدو عليه.. لا الصلاح ولا الاستقامة ولكنه قصَّ علينا قصة طويلة أفسدت الذكر بعد الصلاة.. وبعده بثوانٍ.. (زعق) ثانٍ وثالث ورابع وخامس.. حتى حسبت عدد المتسولين في هذا المسجد.. خمسة أشخاص.. مسكوا مخارج المسجد كلها.. وتوزعوا في كل مكان.. وكُلٌّ له قصة.. وكُلٌّ له موضوع .. وكُلٌّ يسرد عليك كارثته من نسج خياله.

** مشكلة هؤلاء.. أن أكثرهم.. أو ربما كلهم.. ينتمون إلى دولة واحدة.. ويحاولون لبس الزي السعودي وتقليد اللهجة المحلية.. بل ربما بعضهم قال (أنا جايكم من المنطقة الفلانية) وهو يكذب..

** ثم إن بعضهم يتجه إلى المصحف ويأخذه ليقسم عليه أنه صادق..

** أما الصكوك الشرعية التي بحوزتهم فهي صكوك تلك الدولة.. معروفة من بعد بشكلها وخطها (العريض)، وليس من صكوكنا الشرعية الصادرة من محاكمنا.

** أما طرق الابتزاز والتسول خارج نطاق المسجد.. فلها أيضاً أكثر من شكل.. وأكثر من صورة.. وأكثر من طريقة للتمثيل والابتزاز والضحك على الناس.

** يقفون أمام الأسواق الكبيرة أو المحلات أو أمام الدوائر لحظة انصراف الموظفين ويسرد أحدهم قصة انقطاع الطريق به.. ورغبته العودة إلى أهله في (منطقة كذا) على طريقة (طوسري من المجمعة) وهو يكذب .. ويريد بس (حق البنزين).

** وبعضهم.. يقف بجانب الصيدلية ومعه (روشتة) قديمة ويحلف بالله العظيم.. أن أخاه الصغير بين الحياة والموت.. أو ربما أمه أو أبوه بين الحياة والموت.. منتظراً صرف هذه الروشتة.

** وبعضهم.. يختصمون ويحتدمون أمامك حول مبلغ معين (كله كذب) ويظهرون أمامك أنهم يوشكون على المضاربة من أجل هذا المبلغ.. ثم يأتي ذلك الإنسان الساذج ويستفسر (وش السالفة) ويسردون له سالفة خلاف على مبلغ .. وأنهم سوف يقتل بعضهم بعضاً إذا لم يسدد المبلغ.. فيركض المسكين (الأجودي الصحيح) سعياً للإصلاح.. ورغبة في نزع فتيل هذا النزاع والشقاق بين (إخوانه المسلمين) لدفع المبلغ أو بعضه.. ثم يقتسمونه بينهم ويضحكون على هذا المغفل.

** بل هناك أطرف من ذلك.. بعضهم يركب في تاكسي أو سيارة (دردعة) هو وامرأة.. على أساس أنها زوجته.. ثم (يتخانقون أمام الملأ) بسبب حاجتها إلى مصاريف أياً كانت.. ثم يأتي أهل الخير (الطيبون) يصلحون بينهم ويدفعون المبلغ سعياً للإصلاح بين الزوجين.. والمسألة كلها (نصب وكذب ودجل وضحك على هؤلاء البسطاء) (ربيعنا).

** اليوم.. يندر أن تصلي في مسجد دون أن تجد متسولاً أو أكثر من متسول..

** ويندر.. أن تخرج من بيتك وتعود دون أن يقابلك أكثر من متسول سواء في الشارع أو في البقالة أو محطة البنزين أو في المخبز أو في أي مكان.. وأكثر هؤلاء المتسولين.. هم شباب من تلك الدولة نفسها.

** لا أدري.. سر غياب دور الجهات المعنية في تعقب هؤلاء ووقفهم عند حدهم.. فيكفي استهتاراً بمجتمعنا.. ويكفي ضحكاً على البسطاء والسذج.. ويكفي إساءة لبلدنا.

** أين الجهات المعينة؟

** يكفي (فقط) أن تراقب المساجد أو حتى الجوامع يوم الجمعة فقط.. وستجد العشرات إن لم يكن المئات في مساجد الرياض وحدها.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5076 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد