Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/04/2008 G Issue 12992
الخميس 18 ربيع الثاني 1429   العدد  12992
أضواء
سفاح أساتذة الجامعات
جاسر عبدالعزيز الجاسر

يوسف الموسوي اسم دخل التاريخ الأسود للعراق، إن لم يكن التاريخ الأسود للبشرية جمعاء؛ فهذا الموسوي امتهن أحقر مهنة وأشدها إيذاءً للإنسانية؛ إذ تخصص بقتل وتعذيب العلماء وأساتذة الجامعات العراقية، وبعدها أضاف إليهم الطيارين والنساء، ثم أخذ يقتل على الاشتباه والانتماء الطائفي، فمجرد أن يتناه إلى سمعه أن فلاناً مثقف وأنه صديق لأحد أساتذة الجامعات أو طالب في الدراسات العليا يبادر إلى وضع اسمه على قائمة الاغتيالات التي تخصصت فيها هذه العصابة، كونها من عصابات جيش المهدي.

يوسف الموسوي الذي أثار الرعب بعصابته في المدن العراقية -وبخاصة في بغداد والبصرة والموصل والمدن التي تحتوي على جامعات- بدأ بوضع قائمة بأسماء أساتذة الجامعات العراقية بادئاً بالأسماء الكبيرة ذات الإنجازات العلمية المهمة، ولا فرق عنده أن يكون العالم سنياً أو شيعياً، المهم عنده أن يكون أستاذاً جامعياً ذا شهرة علمية كبيرة، وأن يكون عربياً، وبدأ بتنفيذ جرائمه في بغداد متصيداً أساتذة الطب، حيث شهدت العاصمة العراقية مقتل العشرات من الأطباء المتميزين من أساتذة الطب في كلية طب بغداد، وبعد أن أجبر الآلاف من الأطباء على الهرب من العراق اتجه إلى أساتذة الجامعات في التخصصات الأخرى، فشهدت شوارع بغداد -وبخاصة القريبة من جامعتي بغداد والمستنصرية- مقتل المئات من الأساتذة وعدد من الطلبة وخصوصاً طلبة الدراسات العليا، حتى كادت الجامعات تغلق أبوابها لامتناع الأساتذة من الذهاب إليها.

وبعد بغداد انتقل إلى البصرة ليقود عصاباته لقتل أساتذة جامعة البصرة، وأخذت المدينة الجامعية في التنومة بالبصرة تشهد سقوط العشرات من الأساتذة قتلى، ليهرب جميع الأساتذة، وقد أُنشئت جامعة كاملة في دمشق جميع أساتذتها الدكاترة من الذين كانوا يدرِّسون في البصرة..!!

وبعد أن أنجز يوسف الموسوي مهمة تفريغ العراق من العقول والعلماء بعد أن قتل ما قتل وهرب من هرب، اتجه إلى الطيارين العراقيين وبخاصة الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية، والذين تصدوا للهجمات التي كان يتعرض لها العراق من القوات الأمريكية، وكانت عصابات يوسف الموسوي تحمل قوائم بأسماء الطيارين لاعتقالهم وتعذيبهم ثم قتلهم.

وبعدها توجه لقتل النساء العراقيات المثقفات؛ إذ كانت النسوة العراقيات يُختطفن من الجامعات والوزارات وبعد تعذيبهن يجرى قتلهن وقذف جثثهن.

نهاية هذه السيرة الإجرامية لسفاح أساتذة الجامعات كانت شبيهة بما كان يرتكبه بحق ضحاياه، فقد قُبض عليه في معارك البصرة الأخيرة، كونه أحد قادة العصابات الإجرامية التابعة لجيش المهدي، ومثلما كان يعذب ضحاياه، عُذِّب هو الآخر على أيدي الفصيل الآخر من المليشيات الطائفية، ومثلما انتهى من كان يعذبهم، كانت نهاية هذا السفاح مقتولاً مذموماً حتى من جماعته، وإذ سيتذكر العراقيون تاريخه الأسود، لن يجدوا له قبراً لأن المجرمين لا تُعرف أضرحتهم.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد