Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/04/2008 G Issue 12992
الخميس 18 ربيع الثاني 1429   العدد  12992
هذرلوجيا
إلى أين يذهبون؟!
سليمان الفليح

كل الذي أعرفه عنه أنه شاب مكافح وعملي لا يهمه موقع العمل ولا يرتكن للراحة والهدوء وكان طوال حياته العملية ينتقل من مكان إلى مكان في أرجاء المملكة تاركاً أسرته في الرياض جرياً خلف اللقمة الشريفة الحلال المنفوعة ب(ملح) عرق الجبين وكان يكتفي بمشاهدة أولاده كلما سنحت ظروف الإجازة (نهاية الأسبوع) مهما كان بعيداً وكان لا يعرف الشكوى أو التذمر أو الملل لأنه كان قنوعاً بما (قسم الله له) في هذه الحياة رغم أنه يعاني إعاقة ليست بسيطة في أحد أطرافه ولكنه صلب العزيمة قوي الإرادة لا يعرف المستحيل.

وكنت قلما أراه في مجلس القبيلة إلا إذا كان في إجازة عابرة جاء من خلالها ل(يسلم على الربع أو الجماعة) وكنت اكتفي بسؤاله (أين أصبحت اليوم؟) وكان يكتفي في الجواب بكلمة واحدة (الشرقية أو القصيم، أو أبها أو رفحاء) أو أي موقع على خريطة المملكة ثم أحييه بقبضة اليد ورفع الإبهام علامة على التشجيع والتأييد والإعجاب وكان يكتفي فقط بابتسامته المهذبة (الخجلى) ويمضي ليواصل مكابدة الحياة.

***

بالأمس القريب رأيته في مجلس القبيلة يبدو عليه الحزن والانكسار فسألته ذات السؤال: أين؟ فقال لي: هنا, ثم رأيته لليوم الثاني والثالث ولم يغادر مجلس القبيلة الأمر الذي حداني لأن استغرب إطالة مكوثه على غير العادة فسألته هل تقاعدت؟! فقال لي لا لقد (فنشتنا) الشركة ثم أردفت القول بسؤال آخر ثم ماذا؟ قال (ولا شيء) إنني أبحث عن عمل آخر بعد أن خدمت هذه الشركة أكثر من (17 عاماً) وبالطبع لست وحدي من استغنت عنه الشركة بل هنالك معي ما لا يقل عن (150) شابا سعوديا!!

وكلنا ننتظر الفرج من رب العالمين ونحن نبحث عن عمل جديد وذلك لأن الشركة قد أنهت عقدها وانتهت حاجتها لنا.

***

عند ذلك تذكرت الدور البطيء و(السلحفائي) ل(ديوان الخدمة المدنية) و(مكتب العمل) وتذمر الشباب من طول انتظارهم بحثاً عن أمل بعيد بل و(مؤود) في أغلب الأحيان من قبل هاتين الجهتين المنوط بهما البحث عن عمل للشباب السعودي ومحاربة البطالة وتحقيق السعودة.

ثم انتابني فرح (صغير) مباغت أرجو ألا يتبدد هو الآخر في الريح وأنا أتذكر أن معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي قد (نوه) أنه بصدد إنشاء (مكتب للتوظيف) لمثل هذه الغاية يتبع لوزارة العمل ومبعث فرحي وأملي الذي أرجو أن لا يؤد أيضاً هو (أن يكون هذا المكتب المنتظر) بمثابة طوق النجاة الذي يتحلق حوله كل الشباب العاطلين عن العمل أو الذين فقدوا وظائفهم قبل أن يبتلعهم تيار العوز والحاجة وذل السؤال وهذا بالطبع ما لا يرضاه الدكتور الشاعر الإنسان غازي القصيبي لأبناء وطنه فكيف به مسؤولاً أيضاً؟



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد