Al Jazirah NewsPaper Friday  25/04/2008 G Issue 12993
الجمعة 19 ربيع الثاني 1429   العدد  12993
أليس الأفضل أن يأتي السلام بعد السلام؟
عبد الله بن راشد السنيدي

يتسابق بعض المسؤولين العرب عندما تتاح لهم الفرصة في حين لآخر في المؤتمرات أو المنتديات لمصافحة بعض المسؤولين الإسرائيليين، وكأن إسرائيل أصبحت صديقاً ودوداً للعرب، بل إن الأمر تجاوز ذلك...

...فأصبحت إسرائيل تدعى لحضور مؤتمرات أو منتديات مقامة في دول عربية.

فكيف يتم هذا وقد ورد في القرآن العظيم (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) وإسرائيل كما هو معلوم لدى الجميع لم تستجب لنداء السلام منذ قيامها باحتلال الأراضي العربية في حرب (1967م) مع أن إسرائيل قبل انتصارها في هذه الحرب كانت تستجدي السلام من العرب ولكن يبدو أن نظرتها قد تغيرت من مستجدي للسلام إلى طامع في الأراضي التي احتلتها، فقد تم طرح العديد من مشاريع السلام التي لم تتفاعل معها, وإسرائيل مستمرة في احتلال الأراضي العربية وبالذات أراضي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث يعيش هذا الشعب تحت الحرمان من أدنى مقومات الحياة في حين أن شعب إسرائيل يعيش حياة الاستقرار والرفاهية.

ومن الخطوات أو الجهود التي سبق أن طرحت لإحلال السلام والتي ذكرنا من قبل أن إسرائيل لم تتفاعل معها مايلي:-

* قرارا مجلس الأمن الدولي (242-337) اللذان صدرا بعد انتهاء حرب 1967م بفترة وجيزة حيث طالب مجلس الأمن الدولي ومن ضمنه الولايات المتحدة بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في تلك الحرب باعتبار أن هذا الاحتلال يتعارض مع الشرعية الدولية المتمثلة بما ورد في ميثاق هيئة الأمم المتحدة حول عدم الاعتداء وضرورة الاحترام المتبادل بين الدول وأن يتم حل الخلافات حسب الأعراف الدولية.

* مبادرة الرئيس المصري الراحل أنور السادات تجاه إسرائيل، حيث لم تقدر إسرائيل هذه المبادرة حق قدرها، فقد خرج الرئيس السادات عن المألوف والمتعارف عليه عربياً منذ سنة 1948م وقام بزيارة إسرائيل في جو من المعارضة العربية التي أدت إلى عزل مصر ونقل الجامعة العربية منها إلى تونس، حيث ألقى الرئيس السادات خطاباً في البرلمان الإسرائيلي وبحضور أركان الحكومة الإسرائيلية بما فيهم (مناحيم بيجن) رئيس الوزراء - آنذاك- وقد أعلن الرئيس السادات في هذا الخطاب رغبته في إحلال السلام وإنهاء الحروب بشرط الانسحاب الإسرائيلي من سيناء المصرية ومنح الشعب الفلسطيني حكماً ذاتياً في الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة خمس سنوات بعدها يتم التقرير في الوضع الفلسطيني وكان يجدر بإسرائيل أمام هذه الخطوة غير المسبوقة من الرئيس السادات أن تقابلها بخطوة مماثلة لها أو بخطوة تتجاوزها، كأن تعلن إسرائيل عن انسحابها من الأراضي المحتلة في حرب 1967م وتأييد اقتراح الرئيس السادات حول الحكم الذاتي الفلسطيني ولكن الذي حصل أن إسرائيل دخلت في مفاوضات طويلة ومعقدة حول صحراء سيناء انتهت بانسحابها منها وفق شروط محددة، بل إن الرئيس السادات قتل من قبل المتطرفين المعارضين لعملية السلام حينما رأوا عدم تحقق الإيجابيات التي كان الرئيس الراحل يطمح إليها.

* مؤتمر السلام الذي عقد في العاصمة الأسبانية -مدريد- سنة 1991م والذي حضره بالإضافة للعرب وإسرائيل زعماء الدول الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، كان فرصة لإسرائيل لإعلان شروطها للانسحاب من الأراضي المحتلة ثم إحلال السلام ولكنها لم تفعل مع استمرارها في احتلال الأراضي العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية.

* الاتفاق السري الذي تم بين إسرائيل والفلسطينيين في العاصمة السويدية -أسلو- والذي عرف فيما بعد باتفاق أسلو والذي بموجبه سمحت إسرائيل للزعماء الفلسطينيين ومنهم الراحل ياسر عرفات بالعودة للأراضي المحتلة على أن تقوم إسرائيل بالانسحاب منها تدريجيا، وقد انسحبت إسرائيل بالفعل من عدة مدن في الضفة الغربية ومن قطاع غزة وبعد مقتل رئيس الوزراء إسحاق رابين توقف الانسحاب إرضاء من الحكومة الإسرائيلية للمتشددين الإسرائيليين الذين يعارضون عملية السلام.

* الجهود التي بذلها الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) للوصول إلى حل للقضية حيث ألقى بكل ثقله وقام بالعديد من الزيارات المكوكية من أجل تحقيق ذلك وكاد أن يحقق إنجازاً تاريخياً في الثلاثة الأيام الأخيرة من حكمة لولا إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بالقدس الشرقية مع أنها تعلم علم اليقين أنها أرض محتلة كما تدرك أهميتها ليس لدى الفلسطينيين فقط بل لدى العرب والمسلمين وذلك لوجود أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بها وهو المسجد الأقصى المبارك.

* المبادرة التاريخية التي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله لحل مشكلة الشرق الأوسط والتي تبناها العرب جميعاً في قمة بيروت سنة 2003م والتي كانت محل ترحيب من المجتمع الدولي لكونها مبادرة واضحة وعادلة وسهلة ولا تحتاج إلى مفاوضات أو جدليات فهي تطالب إسرائيل بالانسحاب من بقية الأراضي المحتلة سنة 1967م بما فيها مدينة القدس الشريف مقابل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وكانت هذه المبادرة فرصة ذهبية لإسرائيل لكي تطبع علاقتها مع جميع الدول العربية وليس دولة أو دولتين فقط ومع ذلك رفضت إسرائيل هذه المبادرة وطالبت بدلاً من قبولا الدخول في مفاوضات حولها.

إذاً فإن عدم قيام إسرائيل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعوها للانسحاب من سائر الأراضي العربية المحتلة وعدم تفاعلها مع المبادرات والجهود التي بذلت لإحلال السلام بما في ذلك المبادرة العربية لدليل قاطع على نية إسرائيل في عدم الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة وبالتالي عدم رغبتها في إحلال السلام وهو ما يعني عدم جدوى التعامل مع المسؤولين الإسرائيليين سواء بدعوتهم لحضور المنتديات أو المؤتمرات التي تعقد في الدول العربية، أو حتى مصافحتهم حتى يثبتوا رغبتهم الجدية في السلام، فالأفضل أن التعامل مع المسؤولين الإسرائيليين بما في ذلك مصافحتهم والسلام عليهم لا يأتي إلا بعد إحلال السلام.

Asunaidi@mcs.gov.sa



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد