Al Jazirah NewsPaper Friday  25/04/2008 G Issue 12993
الجمعة 19 ربيع الثاني 1429   العدد  12993
تذكار الخثلان.. إليك!
عزيزة القعيضب

تذكار.. حرف موجوع.. وآهات تنتزع ابتسامات كانت يوماً كقصائدك العذبة.. وأنين ألهب شرايينك وسكب الأسى في جزيئات نفسك المفجوعة.. حملني لأكتب لك.

تذكار.. في كل مرة أقرأ حرفك أشعر بمرارة الفقد تجتاح نفسي وتغرقني في سيل من الأحزان لا حد له!

لم ألتق يوماً بعبير -رحمها الله- ولكنني كنت ألتقي بها عبر حرفها اللذيذ ومواسم حبها التي لم تمت.. زمالة الحرف وأمل كنت أحمله لأنقله إليها قبل رحيلها بأيام جعل قلبي يتلقى صفعة الرحيل المؤلم!

رحيلها نهاراً قضى على أمل كنت أسقيه ليلاً! كانت محور حديث مع زميلة قبل رحيلها بأيام.. كنت أخطط لأمر لها ولكن إرادة الله سبقت فالحمد لله على أمره وقضائه.

تذكار.. ليس أقسى من أن تشعر بأنك وحيد رغم أن الصخب من حولك ولكن (غربة الروح) أقوى من أن يستطيع الإنسان انتزاعها ليتمكن من العيش والتعايش مع الآخرين.

إن فقد الصديق الأخ ثلمة، فاجعة لا عزاء لها رغم كثرة المعزين!

تذكار.. رحيل عبير رحيل جسد أما هي فباقية.. باقية في قلبك.. في عقلك.. على أوراقك.. في مذكراتك.. في قصائدك الموجوعة.. في كل مكان يقع عليه نظرك.. في كل شيء.. كل شيء..

عطرها تميزيه من بين عشرات الروائح العطرية.. حرفها تعرفيه ولا يلتبس عليك ولو تشابهت الخطوط.. صوتها لابد وأنه يتردد في ذهنك بل لم يفارقه حتى غدت الأصوات كأنها صوتها!

ما أقسى الفراق وما أشد وطأته! يأكل الفرح وينهش في عظام الحياة ويخفي معالم الفرح التي رسمت يوماً بريشة الصداقة الحقة التي قطع لأجلها عهد لن تموت ما دام الصديقان على قيد الحياة..

ومن هنا.. ولأجل هذا.. كتبت لك..

تذكار أن كانت عبير في حياتها تحتاج لوقوفك بجانبها وسكب قطرات الأمل في فمها وإغداقها بوابل الحب والصداقة الصادقة فحاجتها إليك اليوم أكثر..

تحتاجك لترفعي أكف الضراعة للمولى وتكثري وتلحي بالدعاء بأن يبدلها الله داراً خيراً من دارها ويجعل مآلها الفردوس الأعلى.. تحتاجك لتتصدقي عنها وتكوني - وأحبتها - لها سيل من الحسنات يجري بعمل الصالحات رجاء أن يكون الأجر والمثوبة لها.. تحتاجك - وأحبتها - في الذكر الحسن فالأحياء هم شهود الله في أرضه فكل مجلس تذكر فيه أو مقال أو قصيدة تكتب عنها تلهج الألسن داعية لها.. تحتاجك في أن تجعلي (فهد وهالة) في قلبك كما كانت أمهما في قلبك وتعوضيهما فقدها بقدر ما تستطيعين.. تحتاجك في دعاء السحر وفي أوقات تحري الإجابة.. تحتاجك حين ينسى الناس رحيلها فلم يبق لها إلا إحسان المحسنين ودعاء الصادقين في حبهم.

تذكار.. رحيل عبير ليس النهاية.. هي غالية في نفسك، هي الحبيبة التي لا مثيلة لها في قلبك، هي الغذاء الذي لا تستغنين عنه، هي الحب المتدفق الذي يسقي نفسك ويحتوي كل مشاعرك وأحاسيسك، هي روحك التي خرجت من جسدك، هي الأمان الذي لا بديل له، هي أشياء وأشياء وأشياء لا ندركها ولا نعلمها ولا يشعر بها إلا أنت..

تذكار.. الطريق أمامك فلا تيأسي وحاجتك لا يقضيها إلا الله وثقي بأن الله عند ظن عبده به فأحسني الظن بالله وتأكدي أنه لن يخيب لك رجاء ولن يقطع لك أمل فسلي الله دائماً (اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي بخير منها) ومن أنزل البلاء هو وحده من يرفعه سبحانه ثم التفتي للحياة من حولك اقتنصي فرص الفرح ولتسقي نفسك كأس الأمل بأن القادم مهما كان حاضرك سيكون بإذن الله أجمل وتأكدي أن قلبك المفجوع لن يكون لوحده فمن حوله كما شاركه الفقد سيشاركه تذوق الفرح ويتقرب إليه بالعطاء.

تذكار.. حروفك هي من دفعتني لأكتب لك.. لقلبك الموجوع ولحرفك الذي ينزف ألماً لرحيل العبير ومواسم حبها التي تنتظر منك أن تسقيها أملاً وحباً ووفاء جمعكما الرحمن على منابر من نور وعوضك فقدها بلقاء على فراق بعدها في الفردوس الأعلى.... اللهم آمين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد