Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/04/2008 G Issue 12995
الأحد 21 ربيع الثاني 1429   العدد  12995
مريض نفسي!!!
د. محمد أبو حمرا

نشرت الصحف خبر انتحار رجل في الحوية منذ أيام، وقالت بعض الصحف إن الرجل عجز عن تحمل مصاريف أسرته فانتحر قهرا وتخلصا من عناء الحياة المخيبة له ولأسرته.

وقال مسؤول التحقيق في القضية إن الرجل كان يعاني من مرض نفسي فانتحر!!

ويقول المقربون من الرجل رحمه الله وتجاوز عن تجاوزه؛ إن الرجل تقلب في مشارق الأرض ومغاربها كفاحا من أجل أن تعيش أسرته بكرامة وعزة؛ لكنه لم يستطع مع ارتفاع كل شيء إلا حظه فأراد أن يتخلص من هذه الدنيا وينتهي كما انتهى أمله.

ومشكلتنا هنا أننا نعلق كل خطأ يحدث على المرض النفسي؛ أي أن جاهزية العذر غير الصحيح هي التي نفكر فيها لكي نواري الحقيقة بثوب ملبوس منذ القدم وقد بلي منذ ذلك الزمن؛ لكنا لا زلنا نرفع فيه ولم يعد صالحا لأن يرتديه أحد؛ ومثل هذه الجاهزية ينطبق عليها مثلنا العامي (رقع؛ قال شيء يترقع وشيء ما يترقع).

لماذا لا نقول الحقيقة التي يعرفها الكل؛ فإيجار المساكن ارتفع؛ وأقيام كل الحاجيات ارتفعت؛ والغلاء قد فتح فما لا يسده راتب من يستلم أقل من ألفي ريال؛ بل إن الموظف الذي لراتبه مفعول جيد سابقا أصبح في عداد المنهكين اليوم؛ زد على ذلك أن الناس لم تعد ترحم ضعف الضعيف ولا فقر الفقير؛ بل صار التناقض يراه المرء في الشارع؛ وهو تناقض لا تواصل بينه من خلال الحركة اليومية؛ ومن هنا يجيء فقدان الأمل في تحسين الوضع له ولأسرته؛ فيلجأ بعضهم إلى أعمال ما كان يود أن يفعلها قبل ذلك؛ لأن الفقر يهين حتى كرامة الإنسان ويجعله معبرا سهلا لمن لديه مال، ونحن مع هذا لسنا مع الانتحار ولا نقره وهو مخالف لتعاليم الإسلام.

ولكن نحن في حاجة ماسة إلى وقفة أخوة وصدق ورحمة بين بعضنا؛ وبشكل لا يمس كرامة الآخر ولا يشعره بأنه أقل شأنا؛ نعم... نحن جسد واحد مشكلتنا واحدة؛ فالوقوف كصف متآلف متكاتف هو الواجب.

وتكريس وإكثار الجمعيات الخيرية في المدن والقرى الصغيرة قد يحفظ توازن المجتمع ويبقي كرامة بعض من أذهب الفقر كرامتهم؛ والتركيز على المواطن أولا هو الذي يجب أن يكون؛ لأن الدعاء المأثور: رب اغفر لي ولوالدي؛ ثم بعد ذلك يأتي.. ولمن دخل بيتي مؤمنا. لكن مشكلة أغلب الجمعيات وخاصة في المدن أنها تقدم (من دخل بيتي) على النفس والوالدين؛ لأن النفس والوالدين يحسون بنوع من التعفف ولا يعرفه إلا من يعرفهم جيدا.

رحماك ربي وأنت المغيث.



Abo_hamra@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7257 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد