Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/04/2008 G Issue 12995
الأحد 21 ربيع الثاني 1429   العدد  12995
بنطال (الطالبات).. وكفن (الداعيات)..؟
حمَّاد بن حامد السالمي

* اتخذ المدير العام للتربية والتعليم للبنات بمحافظة الطائف موقفاً حاسماً من (داعيات)، كن يستهدفن التلميذات والطالبات، فيستخدمن أسلوب (الترهيب)..! ويركزن على التذكير بالموت وأهواله وعذاب القبر، بل يشرحن عملياً طريقة غسل الموتى؛ بهدف التأثير على الطالبات دينياً. (الوطن 7-4-2008م).

* الموقف الحاسم جاء في تحذير من المدير العام للتعليم الشجاع من أساليب الترويع بالموت، وتغسيل الموتى وتكفينهم، وترهيب الطالبات، تحت شعار الدعوة. وتضمن هذا تعميماً صادراً إلى القيادات الإدارية في المدارس، فهو يمنع ويحذر بشدة من استقبال أو تداول أو نشر أي مطبوعات أو منشورات في المدارس، قبل عرضها على الإدارة، ويحذر كذلك من الاجتهادات الشخصية فيما يعرض أو يوزع، ومن استقبال داعيات من خارج منسوبات التعليم، يحاضرن أو يلقين كلمات..

* أعرف الأستاذ (سالم الزهراني)، المدير العام للتربية والتعليم بنات بمحافظة الطائف، منذ أن كنا في سني الطلب على مقاعد الدراسة. لن أسترسل أكثر في الثناء على مدير تعليم ناجح؛ حتى لا يفسر قولي على أنه مديح لزميل وصديق، مع أنه يستحق أكثر من هذا، ويكفيه ما عُرف عنه من استقامة وعدل ووطنية، وقد سبقني إلى إطرائه وإنصافه زميلي على هذه الصفحة، الأستاذ والكاتب القدير (محمد بن عبداللطيف آل الشيخ)، في مقال له هنا قبل أسبوعين مضيا تحت عنوان: (الداعيات والوعظ).

* يبدو أن هناك كثيراً من سيداتنا الفاضلات، يتحركن في دائرة النشاط الدعوي، من منطلقات ذاتية، أبرزها الحماس وحُسن النية، والجهل المطبق بمآلات ما يمارسن من ترهيب وتعذيب لتلميذات وطالبات هن في مرحلة عمرية حرجة، وهن ربما يتلقين التوجيهات والتعليمات من مرجعيات ذكورية، من تلك التي لها باع طويل في تطويل عمر مدرسة الشريط الإسلاموي، الذي ظل وما زال يستهوي أسماع البعض فيستبكيهم، ويستحلب المزيد من دموعهم؛ لما في كثير من تسجيلاته من قصص خيالية، وحبكات فنية، لجلب المزيد من الأتباع، أو حلب الكثير من الأموال. الشريط (الإسلاموي) أثبت منذ شيوعه، مع ظاهرة الشيخ (عبدالحميد كشك) رحمه الله في القاهرة إلى اليوم، أنه إحدى أهم أدوات الأدلجة والتسييس. يستهدف عادة الأميين والمبتدئين وأنصاف المتعلمين، ويملأ أدمغتهم بكلام فيه من الخيال والخرافة أكثر من أي شيء آخر، ولو صدر عن مرجعية علمية معتبرة، أو أعلام في مجالهم الفقهي والشرعي، ليس لهم انتماءات حزبية أو حركية أو ثورية، لخلا مما فيه من خزعبلات بكل تأكيد، ولما لاقى هذا الاستقبال من عامة الناس، ولكن المجاهيل من صغار الدعاة، والباحثين عن جمهور وشهرة ومال، يجدون فيه مركباً سهلاً فيمتطوه، وقد استخدمه الخونجية ثم الصحويون من بعدهم بنجاح تام في المنطقة العربية، وكان هو من أنجح وسائل القاعدة قبل ظهور الإنترنت بشكل عملي، وما زال أداة فعّالة في ساحة الحركة، يستدرجون به الراغبين في الحور العين بعد عمليات انتحارية وتفجيرية، وتنتفخ به جيوب الطامعين في الإثراء عن طريق التبرع ودفع الزكوات والصدقات لطالبيها من غير المكلفين رسمياً، وخاصة عندما يجعلون من مآسي المسلمين في أنحاء كثيرة من هذا العالم مواضيع محزنة ومبكية، تهز مشاعر الطيبين من شعبنا، وتدفعهم للتعاطف معها، والتبرع لمن يطلب الدعم لها، دون علم حقيقي بمآل هذه التبرعات، التي ظهرت ذات يوم في أوكار الإرهابيين.

* لا أشك لحظة، أن معظم سيداتنا المهمومات بقضايا القبر وعذابه، والموتى والأكفان والجنائز بين الطالبات في المدارس، وحتى إيجاد القبر في ساحة المدرسة كما وقع قبل عدة سنوات، هن من ضمن ضحايا الشريط الإسلاموي المدعوم عادة من قوى متشددة ومتطرفة، وأخرى حركية، تلتقي عند هدف واحد، هو تكثير الأتباع، وتوثيق الصلة بهم وهم في المهد، من أجل إقصاء المخالفين، وزندقتهم وعلمنتهم وتفسيقهم، تمهيداً لتكفيرهم؛ إذ لا يخلو شريط من هذه، من تصنيف بغيض، وتفريز كريه، يطال فئات ثقافية أو مذهبية أو مناطقية داخل الدولة السعودية قبل غيرها من الدول.

* مَنْ سهّل لداعيات من هذا النمط دخول فصول تلميذات صغيرات، وطالبات في التعليم العام، في الوقت الذي تحاسَب فيه وتعاقَب مديرة مدرسة، سمحت لطالباتها - مجرد سماح - بلبس البنطال تحت المراييل والعباءات..؟!

* انظروا كيف وقعت الواقعة على هذه المديرة، التي حوسبت وعوقبت، فأنزلت من مديرة إلى معلمة، وأُحيلت للتقاعد ثم أُعيدت، دون أن تحصل على رواتبها التي أوقفوها لمدة عام كامل..؟!

* المذنب الأول في هاتين الحالتين هو التشدد.. ابحثوا عنه في أقسام وزارة التربية والتعليم، ثم أحيلوه إلى التقاعد، أو إن استعصى عليكم الأمر عاقبوه من جراء ما اقترف في حق مديرة في تعليم الرياض، وطالبات في مدارس الطائف. عاقبوه ولكن رجاءً لا تنزلوه إلى صف المعلمين والمعلمات. مهنة المعلم والمعلمة أيها التربويون والتربويات ليست نقيصة، ولا بخيسة، ولا رخيصة، إلى حد أن يُهدّد بها مديرو ومديرات المدارس..! اجعلوا هذا الكائن الشائه، الذي اسمه التشدد، في مكان بعيد عن ساحة التربية والتعليم.

* من منكم - أيها القياديون والقياديات، في ميدان التربية والتعليم - يجرؤ على المسك بكائن شائه ينشط بينكم اسمه (التشدد)، فينفيه خارج أسوار التربية والتعليم.



assahm@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5350 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد