Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/04/2008 G Issue 12997
الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1429   العدد  12997
شيء من
طقاق اثنين من حظ الثالث!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أما الثالث هنا فهو المواطن، هذا ما تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ البيان الذي وزعته (الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان) رداً على البيان التوضيحي الذي صدر الخميس الماضي عن وزارة الصحة حول رفضها أن تتحدث أي أية جهة باسمها أو نيابة عنها، مطالبة الجمعية ب(التأني) قبل إصدار البيانات الصحفية لحين استلام وجهة النظر الأخرى.

ويبدو أن المسؤولين في وزارة الصحة لم يستوعبوا بعد أن الأمس ليس اليوم، وبالذات فيما يتعلق بالرقابة على عمل الوزارات المنوط بها خدمة المجتمع. والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هي مؤسسة أهلية، من مؤسسات المجتمع المدني، الذي نطمح إلى بنائه، تهدف إلى جعل الرقابة على عمل المؤسسات الحكومية واقعاً حيوياً وملموساً، والوزير الذي يعتقد أنه لا يُسأل عما يفعل، أو أن له (حصانة) تقيه سهام النقد والرقابة والمساءلة من قبل المواطنين أو من يمثلهم، فهو يعيش في عصر آخر لا علاقة له بهذا العصر.

ومن يقرأ بيان وزارة الصحة الذي جاء رداً على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - التي اجتمع أعضاؤها بالوزير وطرحوا على بساط البحث الشكاوى التي وصلتهم - يجد أن ما بين سطور بيان الوزارة الأخير تذمراً واضحاً من مجرد (الرقابة)، جاء في بيان الوزارة مثلاً: (وقد اتفق الطرفان على أن تقوم وزارة الصحة بإعداد رد متكامل لما تقدم به رئيس الجمعية حول الـ(12) موضوعاً التي تتعلق بالخدمات الصحية وإرسالها رسمياً للجمعية). يعني وبمنتهى الوضوح، أن الوزارة أرادت أن تتعامل مع انتقادات الجمعية بالطريقة (البيروقراطية) إياها، فتتسلم النقد، لتشكل (لجنة)، وتجتمع (اللجنة)، وتدرسه (اللجنة)، وإلى أن تنتهي (اللجنة) من دراستها، وتصيغ (اللجنة) رداً، (يُغير الله من حال إلى حال)، فتنجو الوزارة من المساءلة، وتبقى خدمات وزارة الصحة مثلما هي عليه.

والقضية هنا أشبه ما تكون بأحجية جحا والحمار، فقد قبل جحا - كما تقول الأحجية - أن يعلم حماراً القراءة والكتابة، وعندما سُئل كيف؟ قال: الزمن كفيل بموت جحا أو الحمار أو من طالبه بتعليم الحمار!

لعل من المضحك والمحزن في الوقت ذاته أن يذهب بيان وزارة الصحة التوضيحي إلى نفي مسؤولية وزارة المالية عن قصور الخدمات الصحية: كما أشار معاليه إلى مساندة ودعم وزارة المالية المتواصل لجهود الوزارة حيث يوجد حالياً (97) مستشفى تحت الإنشاء إضافة إلى (1010) مراكز صحية.

والسؤال: إذا كانت (وزارة المالية ما قصّرت) فعلى من يقع التقصير؟

ومن يعرف دهاليز العمل الحكومي في المملكة يعرف أن (بعبع) الوزارة هو وزير المالية، فلدى معاليه الصلاحيات الكاملة التي إن أراد جعلها في منتهى المرونة، فينجح الوزير، وإن (غضب) وطبق النظام بحرفيته، ضاع عمل الوزير، وتاهت خططه التطويرية في (روتين مالي) لا يعترف إلا بتوقيع وزير المالية، لذلك فإن من الحصافة ألا (يغضب) عليك وزير المالية، وهذه - بالمناسبة - حكمة يُدركها وزراؤنا تماماً.

ومهما يكن الأمر، فإن مثل هذه المماحكات هي بالنسبة لي كمواطن ينطبق عليها المثل الذي يقول (طقاق اثنين من حظ الثالث)!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد