Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/04/2008 G Issue 12997
الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1429   العدد  12997
من المحرر
تدوير ورق النخل
عمرو بن عبد العزيز الماضي

خصصت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً جائزة دولية خاصة بالنخلة تعتبر الأولى من نوعها في العالم، ورغم أن المملكة تعد من أكبر الدول المنتجة للتمور في العالم، وتعتبر النخلة شعاراً وطنياً فيها، إلا أننا لم نر حتى الآن اهتماما يليق بهذه الشجرة المباركة، ولازلت أستغرب عدم وجود الاهتمام اللازم بها، فمن يزور مشاتل وزارة الزراعة يرى عشرات من أنواع أشجار الزينة الصغيرة وأشجار عديمة الفائدة (التي لا تسمن ولا تغني من جوع) توزع على المواطنين بالمجان، وفي الوقت نفسه تظهر لنا تصريحات تطلب ترشيد استخدام المياه في الأغراض الزراعية، أما الأشجار المثمرة أو ذات الفائدة مثل النخيل والحمضيات فلا يتم توزيعها على المزارعين، ولا زال الكثير يتساءلون عن سبب وجودها في تلك المشاتل؟!! ورغم وجود مشاتل ومباني واسعة كلفت الوزارة ملايين الريالات، إلا أنها لم تستثمر اللازم في التنمية الزراعية، وبقت محطة مناسبة لتوقف الطيور المهاجرة تتظلل فيها في رحلة الذهاب والعودة، ولازالت الكثير من البيوت المحمية في تلك المشاتل فارغة وأجهزة التكييف في بعضها معطلة، ولا يوجد بها سوى عمالة وافدة تقضي جل وقتها في الاستمتاع بأصوات الكناري المهاجر نهارا، وعبير أشجار المصدات والزينة الرطب ليلا، التي لا يجني منها فائدة إلا استنزاف المياه! ولا أدري هل تعجز وزارة الزراعة عن توفير فسائل للنخيل عن طريق زراعة الأنسجة وبيعها على المزارعين بأسعار رمزية أو حتى بشكل مجاني، ففي العراق رغم ما يعانيه من الظروف الاقتصادية، تقوم مديريات الزراعة هناك بحملات لتوزيع آلاف من فسائل النخيل على المزارعين بالمجان لتشجيع زراعة النخيل، أما لدينا فتغص مشاتل وزارة الزراعة بأشجار المصدات والأثل عديمة الفائدة وبدلا من توزيع نخيل (الزينة) غير المثمرة الذي يزرع بالآلاف في مشاتل الوزارة ويوزع بالمجان، لماذا لا يتم استبداله بزراعة نخيل ذات فائدة خصوصاً وأن تكلفة الزراعة واحدة! مما يساهم في الحد من انتشار سوسة النخيل بسبب نقل النخيل المصابة من منطقة إلى أخرى؟ إن الكثير من صغار المزارعين لا زالوا يتساءلون عن سبب توقف الدعم الذي تقدمه الوزارة على زراعة النخيل، فمنذ سنوات لم يستلموا إعانة زراعة النخيل -رغم تحسن ظروف الميزانية- مما جعل الكثير منهم يجزم أن صرف إعانة نخيله التي لا يتجاوز المائة أدخل مع صف الانتظار مع المشروعات التي تزرع النخيل بالآلاف، مما لا يحقق الهدف التي أوجدت لأجله هذه الإعانة في تشجيع المزارعين الصغار، مما جعل الكثير منهم يدعو الله أن يأتيهم الدور ويحل الفرج ليواصلوا ولو بالاستدانة في العناية بمزارعهم الصغيرة التي لم تثمر حتى الآن، في الوقت الذي يطالبهم البنك الزراعي بتسديد القروض التي حصلوا عليها لزراعة النخيل، لمضي خمس سنوات وهي فترة الإعفاء، ومع ذلك لازالت وزارة الزراعة لم تصرف إعانة زراعة التمور لصغار المزارعين منذ سنوات، مما لا يشجع المزارعين في الاستمرار في الزراعة لكون النخلة ليس فيها مردود مادي سريع!؟ ومن جانب آخر، فقد يكون في ما تناولته جريدة (الرياض) في ملحقها الاقتصادي فاتحة خير وما ذكرته عن مشروع لتدوير سعف النخيل الذي يعد بارقة أمل جديدة، فيما لو تم تنفيذه، حيث يمكن أن تنطلق المبادرة من القطاع الخاص مباشرة، فقد اعتبر مدير معهد التقنية الصناعية في جامعة سينس الماليزية فرصة المملكة كبيرة ومميزة للاستفادة من سعف النخيل ومخلفاته في تصنيع الورق بمختلف أنواعه بالإضافة إلى المنتجات الورقية المختلفة. وقال: إن ماليزيا استفادت من المشروع بتقليص واردات الورق إلى أقل الدرجات بالإضافة إلى تصدير نوعيات مميزة لعدد من دول العالم. وأكد أن الطن من النخيل والمخلفات ينتج نصف طن من الورق مما دعا الماليزيين إلى تسمية النخل التي ينتج التمر بأنواعه ويستفاد من أوراقه ومخلفاته في صناعة الأسمدة والمصنوعات الورقية المتدنية الجودة والمتوسطة والعالية ب(النخل الذهبي) وأشار إلى أن حجم الاستثمار في الورق مرتفع على مستوى العالم والاحتياج لبداية مشروع لتدوير ورق النخل يحتاج إلى 50 مليون دولار على أقل. وكنا نتمنى لو أن وزارة الزراعة تقوم بالتنسيق مع الغرف التجارية في تنفيذ هذه المشروعات ولو عن طريق طرح مثل هذه المشروعات للمساهمة، للاستفادة من ما تنتجه النخلة من (ليفها، سائقها، سعفها، جريدها، خوصها، إضافة إلى ما تحتويه من مواد غذائية في حالة إعادة استخدام بعض أجزائها لإطعام الحيوانات، مما يقلل من الاعتماد على الشعير الذي نستورد منه ما يقارب نصف الإنتاج العالمي!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5324 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد