Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/05/2008 G Issue 12999
الخميس 25 ربيع الثاني 1429   العدد  12999
قصص قصيرة جداً

(1) (جوع)

تعوّد على الفوضى في العديد من أمور حياته، كل أموره تسير دون ترتيب، أضاع العديد من الفرص التي كانت تسير إليه وهو يبتعد عنها كونه تعود على الكسل، كان خفيف دم، يجيد إطلاق النكت لكنه سرعان ما يحولها إلى سخرية واستهزاء بالآخرين في أشكالهم، كما أنه كان يسعد بأن ينسب نجاحات زملائه لنفسه وأنه السبب فيها، مع العلم أنها تمت دون علمه، في أحد الأيام كانت لدى أسرته مناسبة كبرى لكنه لم يحضرها، وعند مشارف صباح اليوم الثاني توجه إلى منزل أسرته، وكان يتضور جوعاً، وقبل أن يهم بفتح باب منزلهم شاهد في إحدى سيارات الأسرة التي تقف أمام المنزل بواقي طعام، فما كان منه إلا أن شمر عن ساعديه وفتح باب صندوق السيارة وتربع وجلس ثم بدأ يلتهم الطعام بلذة غريبة وهو مستمتع، وبينما هو مستمتع بتلك الوجبة اللذيذة إذ بوالده يخرج من المنزل لأداء صلاة الفجر، حيث وقف مذهولاً أمام ذلك المنظر حائراً هل يضحك؟ فشرّ البلية ما يضحك، أم يوبخه على عدم حضوره باكراً وتصرفه بالأكل من بواقي الطعام؟ لكنه اكتفى بنظرة فيها معان كثيرة فهمها الابن، حيث قرر ألا يرى والده وجهه حتى يهدأ.

(2) (غرور)

توقف بسيارته الفارهة مجبراً عند إشارة المرور مزهواً بنفسه وبالسيارة التي يقودها، وكان ينظر لكل الذين يقفون عن يمينه وعن يساره بكل احتقار كون سياراتهم كانت أقل من سيارته، أحد الشباب لم تعجبه نظرات الاحتقار لدى ذلك المغرور نحو الناس، حيث قام بانزال زجاج سيارته وطلب منه إنزال زجاج سيارته مبادراً بالسلام، لكن ذلك المغرور لم يرد السلام فقال له الشاب: أنت شايف نفسك علي لأنك تقود سيارة لا تعرف كم ثمنها يا حبيب ماما، ثم إنك على بعضك لست إلا فضلات ذات روائح نتنة وأنا وغيري من الذي تحتقرهم أفضل منك لأننا على الأقل نملك السيارات التي نقودها، لكن أنت لم تتعب في ثمنها يا حبيب ماما. لم يستطع ذلك المغرور الرد بل صب جم غضبه على السيارة التي يقودها بالتفحيط وسط سعادة من الواقفين عند الإشارة الذين أسعدهم كلام ذلك الشاب لذلك المغرور.

(3) (طفيلي)

تعوّد طوال عمله أن يقوم بالتوقيع في بيان التوقيع ثم ينصرف ليعود قبل نهاية الدوام لكي يفعل ما فعله صباحاً، وعند نهاية الدوام يسير خلف زميله الذي يعمل معه كأنه متوجه لبيت أهله كونه يسكن في نفس الحي، وما هي إلا دقائق وذلك الرجل يستعد لتناول غدائه مع أفراد أسرته حتى يعود ذلك الزميل طارقاً الباب فيدخله، ويضطر لإحضار غدائه ليتناولاه سوياً، استمر ذلك الشاب على تلك الحال سنوات حيث طفش ذلك الرجل المسكين الذي لم يعرف الراحة ليتناول غداءه مع أسرته كسائر الناس، طفل ذلك الرجل لم يرق له الحال وعدم تناول والده لغدائه معهم، كل تلك المدة حيث قال كلاماً كبيراً مخاطباً والده بحضور ذلك الطفيلي، حيث قال ببراءة وعفوية ونقاء الأطفال: أبوي هذا ما عندهم بيت كل يوم يتغدى عندنا هنا. تبسم الأب المغلوب على أمره وكأنه يقول صدقت يا بني. ذلك الطفيلي كان ينتظر من الأب أن يضرب ابنه إكراماً، لكن الأب كان سعيداً أنها جاءت من طفله في الوقت الذي كان ينوي قولها، وكانت كلمات الطفل هي الحاسمة لتلك المعاناة التي كادت أن تطول لولا إرادة الله ثم تدخل الطفل في الوقت المناسب.

محمد بن عبدالعزيز اليحيا


mhd1999@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد