Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/05/2008 G Issue 12999
الخميس 25 ربيع الثاني 1429   العدد  12999
انهوا عزلة تايوان
بروكسل تشارلز تانوك

مع استمرار الاحتجاجات ضد الإجراءات الصارمة التي فرضتها الصين في التيبت، واحتدام المناقشات بشأن إعلان كوسوفو لاستقلالها من جانب واحد، يكاد الظلم الواقع على تايوان، والمتمثل في عزلتها الدولية المتنامية، يمر دون أي قدر من الاهتمام، وذلك على الرغم من انتخابات تايوان الرئاسية الأخيرة والاستفتاء على عضوية الأمم المتحدة. إن هذا النوع من الإهمال لا يتسم بقصر النظر فحسب، بل إنه خطير أيضاً.

قد يفسر البعض هذا المعيار المزدوج جزئياً بالشعور بالذنب: إذ إن الغرب كان حريصاً إلى حد كبير على دعم استقلال كوسوفو في محاولة للتخفيف من شعوره بالذنب نتيجة لإخفاقه في منع الحملة التي شنها سلوبودان ميلوسوفيتش للتطهير العرقي هناك.

وعلى نحو مماثل تعرب أغلب دول العالم عن احتجاجها بالنيابة عن التيبت؛ لأن الملايين من الناس يشهدون على القمع الوحشي الذي تمارسه الصين ضد الثقافة التيبتية.

أما تايوان فلم تشد انتباهنا لأنها تتمتع بالاستقرار والازدهار على المستوى الاقتصادي. وهي لم تكن خاضعة لحكم الحكومة المركزية في الصين لأكثر من مائة عام - منذ غزو اليابان لها في نهاية القرن التاسع عشر - ولم تكن قط جزءاً من جمهورية الصين الشعبية.

إن تايوان في الواقع الفعلي للأمر عبارة عن دولة مستقلة غير معترف بها، يحكمها نظام ديمقراطي قوي وتتبنى معايير راقية فيما يتصل بحماية حقوق الإنسان.

ولأن تايوان لم تسمح لنفسها بأن تتحول إلى ضحية، فإن العالم ببساطة لا يشعر بالذنب إزائها، وبالتالي يتجاهلها. ولكن ربما كان من الواجب علينا أن نشعر ببعض الذنب.

إذ إن تايوان تستحق الثناء العظيم لنجاحها في الصمود، رغم العزلة الدولية المفروضة عليها. فالصين تمنعها من المشاركة بشكل كامل في الساحة الدولية، سواء عن طريق منظمة التجارة العالمية، أو الألعاب الأولمبية، أوالمنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية.

ومن المشين أن الصين تسمح لنفسها بوضع أهدافها السياسية المتمثلة في حرمان تايوان من العضوية في كافة المنظمات الدولية في مرتبة أهم وأسبق حتى من قضايا الصحة العامة الملحة.

فضلاً عن ذلك فإن العدد الضئيل من البلدان التي تعترف بتايوان على الصعيد الدبلوماسي أصبحت في تناقص مستمر. ويرجع هذا إلى مزيج من الضغوط الصينية والرياء.

وفوق كل ما سبق، يمارس أهل تايوان، الذين بلغ تعدادهم 22 مليون نسمة، حياتهم اليومية وهم يدركون أن الآلاف من الصواريخ الصينية جاهزة للانطلاق نحوهم في أي وقت. ليس لي أن أقول إن تايوان لابد وأن يُعتَرَف بها كدولة مستقلة. فهي مستقلة بالفعل، ولو كان ذلك بدون اعتراف رسمي. وهناك العديد من التايوانيين الذين يفضلون عودة جزيرتهم إلى الصين، وخاصة إذا ما تبنت الصين نظاماً ديمقراطياً وتخلت عن هذا النظام الشيوعي الديكتاتوري القائم على حزب واحد. إلا إننا لا نستطيع أن ننكر أن شعب تايوان محروم من حقه العادل في الحصول على مكان في العالم الأكثر رحابة.

يتعين على المجتمع الدولي أن يبذل المزيد من الجهد في توجيه تايوان نحو الانخراط في المجتمع الدولي. فقد كانت القوى الغربية دوماً نصيرة لحقوق الإنسان وحق تقرير المصير في إطار حكم القانون. ولقد ساعدت الحملات التي شنها الغرب طيلة فترة الثمانينيات تضامناً مع القوى الديمقراطية في شرق أوروبا التي كانت خاضعة لهيمنة الكيان السوفييتي آنذاك، في إنهاء الهيمنة الشيوعية.

وإذاما تبنى الغرب قدراً موازياً من الالتزام بنصرة الحقوق الديمقراطية لأهل تايوان، فلربما يكون لذلك تأثيرات صحية ومفيدة في الصين ذاتها. فضلاً عن ذلك فإن تايوان تشكل حليفاً طبيعياً لكل من يعتنق قيم التعددية السياسية، والسوق الحرة، وحقوق الإنسان.

الحقيقة إنه لأمر يدل على قصر النظر، بل والنفاق، أن تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا إلى نشر الديمقراطية ونصرة حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم، بينما يتقاعسان عن الاعتراف بتايوان ومكافأة الشعب التايواني الذي اعتنق هذه المبادئ بكل إخلاص. إن الرسالة التي يبثها الغرب باعترافه غير المشروط بمبدأ (الصين الواحدة) تعني أن الغرب سوف يحترمك إن كنت تمثل نظاماً شيوعياً استبدادياً ضخماً، إلا إنه لن يحترمك بنفس القدر إن كنت تمثل كياناً ديمقراطياً صغيراً ويتبنى نظام الأحزاب المتعددة.

من الجدير بالذكر أن سجل الأمم المتحدة لا يخلو من سوابق واضحة لبلدان منقسمة التحقت بعضويتها منفصلة ثم عادت لتتوحد في النهاية: مثل ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، واليمن الشمالية واليمن الجنوبية، وربما ذات يوم كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

في النهاية، يتعين على تايوان والصين أن تبادرا إلى تنظيم العلاقة بينهما. وهناك بالفعل بعض الإشارات الإيجابية للتقارب مع استعداد الإدارة الجديدة لتولي المسؤولية في تايوان، فضلاً عن المحادثات رفيعة المستوى الجارية بين رئيس الصين هيو جينتاو ونائب رئيس تايوان فينسنت سيو.

ويتعين على العالم الديمقراطي أن يلتزم بدعم هذه العملية، ليس فقط لأن تايوان تستحق دعمه، بل وأيضاً لأن المزيد من الاقتراب من تايوان قد يشكل في النهاية أداة قوية للتغيير على نطاق أوسع في الصين. تشارلز تانوك المتحدث الرسمي باسم حزب المحافظين البريطاني للشؤون الخارجية ومقرر البرلمان الأوروبي عن القسم الخاص بالشرق من اتفاقية الجوار الأوروبي.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2008.
www.project-syndicate.org خاص: ب«الجزيرة»



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد