Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/05/2008 G Issue 12999
الخميس 25 ربيع الثاني 1429   العدد  12999
إضاءات نفسية
د. محمد بن عبد العزيز اليوسف

زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات.. نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم.

الحلقة العاشرة

الحشيش وتأثيراته

عندي سؤال لك وأتمنى أن تجيب عليه بصراحة:

* هل تدخين سجائر الحشيش يؤدي إلى الإدمان لأنني أعرف الكثيرين ممن يستخدمونه ويؤكدون أنهم قادرون على تركه في أي وقت؟

- أخي العزيز حتى أجيبك بأمانة على هذا السؤال يجب أن تدرك أن مفهوم الإدمان عندي كطبيب نفسي قد يختلف عنه عند العامة، ولذلك فعدم وجود أعراض انسحابية للحشيش وهو أمر صحيح علمياً قد يعطي انطباعا لدى المتعاطي أن هذه المادة لا تسبب الإدمان.. لكن الحقيقة أن مفهوم الإدمان طبياً أوسع من ذلك بكثير.. فما يُسمى بحالة الاشتياق (craving) التي يعرفها جيداً مستخدمو الحشيش ونعني بها الرغبة العارمة في العودة لاستخدام سيجارة الحشيش مرة بعد أخرى، ولو على حساب أمور أخرى في غاية الأهمية، والانشغال الدائم بالتفكير في جو (التحشيش) وما يصاحبه هو مؤشر أكيد على بلوغ الشخص مرحلة الإدمان.

والحقيقة أن القضية هنا لا تنحصر فقط في ما إذا كان الحشيش يؤدي إلى الإدمان أم لا كون هذه المادة تؤدي إلى آثار سلبية خطيرة سواء على المدى القصير أو الطويل لعل من أهمها:

- أولاً: يؤدي الحشيش إلى فقدان التقدير الصحيح للزمن والمسافة، فمثلما أن (المحشش) قد تمر عليه الساعات كأنها دقائق.. فكذلك تقدير المسافات لديه قد يتأثر خصوصاً خلال الساعتين الأوليين بعد السيجارة.. وقد شهدت بنفسي قبل حوالي ثلاث سنوات حادثاً مأساوياً ذهب ضحيته اثنان من رجال الأمن بعد دهس سيارتهم بالكامل بوساطة سيارة شاب دخل في نقطة التفتيش.. واتضح بعد إجراء الفحوصات له أنه كان تحت تأثير الحشيش، ولم يستطع تقدير المسافة الصحيحة بينه وبين نقطة التفتيش.. معتقداً أنها أبعد من موقعها الحقيقي بكثير.

- ثانياً: يصاب (المحششون) بعد سنوات من استخدام هذه المادة بما يُسمى (amotivational syndrome).. ونعني به فقْد الحافز والطموح في الحياة.. فتصبح الصورة الأسوأ لهؤلاء أنهم أشخاص هامشيون يعيشون خارج سياق الحياة الحقيقية.. وغير قادرين على الإنتاج في أي مجال من المجالات، ويصبح محور حياتهم الأساسي هو سيجارة الحشيش التي يعيشون معها عالمهم الخيالي الخاص.. كفانا الله وإياك شرها.

- ثالثاً: تشير بعض الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة مباشرة بين تعاطي الحشيش وارتفاع نسبة الإصابة بمرض الفصام العقلي.

وإذا كانت بعض وسائل الإعلام تظهر (المحشش) على أنه شخص خفيف الظل يتم تبادل طرائفه بين الناس فإن ذلك لا يمثل سوى جزء صغير جداً من الصورة الحقيقية الكاملة التي هي بلا شك أبشع من ذلك بكثير.

أدوية الاكتئاب وزيادة الوزن

* أنا فتاة مصابة بمرض الاكتئاب واستخدمت عدة أدوية.. ورغم أنني ولله الحمد أتحسن كثيراً باستخدامها إلا أنني لا أكمل الفترة المحددة لي من الطبيب وأقطع الدواء بسبب الزيادة في الوزن.. أرجوك يا دكتور هل هناك دواء للاكتئاب لا يسبب زيادة في الوزن؟؟

* الحقيقة أن الكثير من أدوية الاكتئاب الشائعة تسبب زيادة الوزن كأحد أهم الأعراض الجانبية لها.. لكن يجب أن تدركي أختي الكريمة أن نسبة الزيادة في الوزن تختلف من دواء لآخر.. كما يمكنك القيام بحمية غذائية جيدة مع ممارسة الرياضة لتفادي زيادة الوزن التي عادة تكون فقط أثناء استخدام الدواء.. أي أن الوزن الذي تكسبينه ستعودين لتخسريه بعد التوقف عن استخدام الدواء.

أحد أشهر أدوية الاكتئاب الذي لايسبب عادة أي زيادة في الوزن هو دواء الفلوكسيتين ويعرف تجارياً بأسماء منها (البروزاك) أو(الفلوزاك) ومع ذلك فأنا لا أنصحك باستخدامه دون مراجعة طبيب قبل ذلك لأن الاكتئاب أنواع متعددة ويأتي بأعراض رئيسية مختلفة من شخص لآخر ولذلك فاختيار دواء معين من عدة أدوية للاكتئاب يتم بناء على معطيات كثيرة يعرفها الطبيب النفسي.. وما يناسب غيرك قد لا يناسبك والعكس أيضاً صحيح. وفقك الله.

صعوبات النوم

* السلام عليكم ورحمة الله..

أشكرك يا دكتور على الإضاءات التي تطرحها

أنا طالب سعودي مغترب في الخارج ومنذ رحيلي عن الوطن وأنا أواجه في بعض الليالي مشكلة عدم القدرة على النوم.. أحياناً أتناسى المشكلة وتمر الأمور بخير لكن عندما أفكر فيها أواجه صعوبة من جديد في النوم.. استخدمت بنادول نايت في بعض الليالي بلا فائدة.. أشعر بحنين للوطن والمشكلة أنني بدأت أفكر في قطع دراستي والعودة... هل يوجد حل؟؟

- أخي العزيز إن كنت قد سافرت للدراسة قبل فترة بسيطة فقد تكون في الواقع تعيش مرحلة التكيف مع الوضع الجديد بما فيها من اختلال مؤقت للنوم نتيجة فارق التوقيت والحاجة إلى إعادة ضبط الساعة البيولوجية الداخلية للجسم، وهو أمر شائع الحدوث عند كثير من الطلبة المغتربين في الأسابيع الأولى.

أما إن كانت المشكلة مزمنة.. لكنها غير مستمرة كما فهمت من رسالتك حيث تنام بشكل طبيعي عندما لا تفكر في وجود مشكلة لديك.. وهذا متوقع حيث يجب أن لا يتحول النوم عندك إلى قضية واختبار(هل سأنام الليلة أم لا؟) بمجرد أن تفكر بهذه الطريقة سيرتفع لديك معدل التوتر مما يمنعك من الدخول إلى أهم وأول مرحلة قبل النوم وهي الاسترخاء الذهني الكامل.. لذا فالمطلوب هو أن تأخذ الأمر ببساطة أكثر (إن لم أنم هذه الليلة فلا بأس لأنها ليست المرة الأولى وأنا أصبحت خبيراً بهذه التجربة)..

بهذا النمط من التفكير أنت تزيح عبئاً كبيراً عن كاهلك وسيساعدك ذلك - بإذن الله - على الدخول في النوم بطريقة تلقائية.

وإليك بعض النصائح العامة أيضاً:

- تجنب المنبهات كالشاي والقهوة في ساعات الليل المتأخرة بقدر الإمكان

- مارس الرياضة ولو بشكل بسيط قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من الخلود للنوم

- حاول أن تبقي غرفة النوم خاصة بالنوم فقط بقدر الإمكان (مارس أي نشاطات حيوية أخرى خارجها )

- حاول أن تستلقي في الفراش قبل الوقت المعتاد لنومك على الأقل بساعة في الفترة القادمة حتى يكون لديك مساحة زمنية أكبر.

- اقرأ أذكار النوم وزاحم بها أي أفكار أخرى قد تتسرب إلى ذهنك

أخيراً أخي جميل أن تشعر بالحنين لوطنك والأجمل أن تكمل دراستك لتعود لخدمته وخدمة إخوانك.وفقك الله.

إضاءة

الحياة مغامرة جريئة أو لا شيء

* دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي -الرياض


Mohd829@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد