Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/05/2008 G Issue 13006
الخميس 03 جمادى الأول 1429   العدد  13006
شيء من
إيران: الخطر الأول
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

لا يمكن أن يمر خبر المظاهرة الإيرانية النسائية أمام سفارة دولة الإمارات في طهران. والتي ندد المشاركون فيها بتسمية (الخليج العربي)، الذي تعتبره إيران منذ عهد الشاه وحتى اليوم خليجاً فارسياً، دون أن يطرح علامات استفهام تشير إلى مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية، وما يكتنفها من توقعات محتملة.

لا يهم بالنسبة لي المسمى، سواء سُمّي الخليج العربي أو الخليج الفارسي، بقدر ما تهمني الإرهاصات التي تشير إليها هذه المظاهرة؛ ففي إيران لا يمكن أن تتم مظاهرة مثل هذه المظاهرة دون أن تأخذ ضوءا أخضر من السلطات الحاكمة، وعندما يتظاهر الإيرانيون، فإن كل فعاليات المظاهرة تكون مدروسة بعناية، ومخطط لكل شاردة وواردة فيها، وهنا بيت القصيد.

وقد أفهم لماذا يصر الشاه ذو النزعة القومية الفارسية على هذه التسمية، غير أنني لا أفهم أن يصر (الملالي) الحاكمون في إيران على التسمية وهم يرفعون شعار الأمة الإسلامية المتضامنة؛ الأمر الذي يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها ولعل بعض (الشعارات) التي رفعت في المظاهرة، والتي نادت بعودة البحرين إلى (الأم الإيرانية) - كما جاء في الخبر - مؤشر (خطير) يقول ما يتفادى قوله الساسة في إيران في العلن، خاصة إذا تذكرنا أن إيران احتلت وبالقوة الجزر الإماراتية الثلاث.

وإيران دولة (أيديولوجيا قوموية).. وثرواتها، وعلاقاتها، ونفوذها، تبذله بكل سخاء، ودونما حساب، لمصلحة هذه الأيديولوجية. والدول القوموية لا يهمها الإنسان، ولا تحفل به، قدر اهتمامها برسالتها الأيديولوجية التي سخرت نفسها وثرواتها لها. ولعل الجوع الذي يضرب أطنابه في إيران - كما تقول الإحصاءات - وتفاقم نسب البطالة، وارتفاع أعداد الذين يتعاطون المخدرات بشكل قياسي، ويؤكد أن (الإنسان) في حسابات المخطط الإيراني لا قيمة له. والدول التي تهمش الإنسان ومصالحه على حساب نصرة الأيديولوجيا من الصعب أن تصل وإياها إلى نقطة التقاء تقوم على التنازل من قبل الطرفين.

والذي يرصد السياسة الإيرانية في المنطقة يجد أنها تعمل بكل جد ومثابرة لاختراق أنظمة المنطقة، وتوظيف الخلافات العربية - العربية، وكذلك الخلافات السنية - الشيعية، لإيجاد موطئ قدم لها، لتكريس سيطرتها من خلال هذين العاملين، لتصب في النهاية في مصلحتها، وإعادة الهيمنة الفارسية على المنطقة، وهو الحلم الفارسي القديم - الجديد الذي ما فتئ الفرس يحاولون إعادته منذ أن سقط إيوان كسرى في يد العرب المسلمين في فجر الإسلام.

لذلك فإن اسم (الخليج الفارسي) الذي تصر عليه إيران يؤكد وبشكل سافر أن قضية إيران ليست (الإسلام) كما يدعون، وليست حتى مناصرة الطائفة الشيعية، ولكنها الهيمنة والسيطرة (القومية) الفارسية على الخليج والمنطقة.

مشكلتنا نحن في دول الخليج تكمن في أن مواجهة الأطماع الإيرانية تحتاج إلى تنسيق على درجة عالية من التفاهم، وقرارات ذات صبغة استراتيجية، أو قل: (ثوابت) لا تقبل المساومة أو التنازل، تأخذ في الحسبان الخطر الإيراني (التوسعي) كأولوية لا تضاهيها أي أخطار أخرى. وهذا ما تفتقر إليه - للأسف - سياسات الدول الخليجية بشكل واضح للجميع، فكل - على ما يبدو - يغني على ليلاه.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد