Al Jazirah NewsPaper Monday  12/05/2008 G Issue 13010
الأثنين 07 جمادى الأول 1429   العدد  13010

دفق قلم
التخبُّط السياسي
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

المتأمل لحالة عالمنا العربي يشعر بالتخبُّط السياسي الكبير الذي يخلط أوراقه خَلْطاً يزيد الأمور تعقيداً، ويزيد الأوضاع سوءاً.

الدول العربية من أكثر الدول في العالم امتلاكاً لوسائل التلاحم والوفاق، والعوامل المشتركة التي تقوم عليها الوحدة والتضامن، ومع ذلك فهي من أكثر الدول في العالم بُعْدَاً عن التلاحم والتضامن والوفاق، ومن أقرب دول العالم إلى اشتعال نيران الخلاف والشقاق، وإلى التصادم الذي يصل ببعض الدول العربية إلى استخدام السلاح، وإشعال فتيل الحروب الأهلية المؤسفة.

* لغة واحدة، وجنس بشري واحد، وخارطة جغرافية واحدة، وقبل ذلك كله (دين إسلامي) تدين به الأكثرية في هذه الدول العربية، ولا ننسى التقارب الاجتماعي الكبير، والمجالات الاقتصادية المشتركة، والروابط التاريخية الوثيقة.

أين الاستفادة من هذه العوامل القوية المشتركة بين الدول العربية؟ ولماذا تظل هذه الدول بهذه الصورة المؤلمة من الشقاق برغم وجود عوامل الوفاق؟ وإلى متى تظل هذه الدول ممزقة الأوصال تمزيقاً أضعفها أمام أعدائها، وجعلها أضحوكة الأمم، وهوَّن مقامها على الناس، حتى أصبحت عرضة للاحتلال المباشر الذي يسيطر على أرضها ومصادر اقتصادها، ويتدخل في تغيير أو تطوير قوانينها ومناهجها الدراسية، وقَلْب ما يشاء من أنظمة الحكم فيها؟

إلى متى تبقى هذه الحال، يا أبناء الأعمام والأخوال؟

لقد حجزت قلمي زمناً عن الكتابة في هذا الجانب بعد أن تأكد لي من خلال المتابعة لما تتابعونه أنتم من حالة بلادنا العربية أنها تُساق إلى طرق الضياع سَوْقَاً وأن هنالك وَهَناً عاماً في عالمنا العربي، وخُطَطاً تُرضي العدوَّ وتغضب الصديق تُنفَّذ بصورة مخيفة في المجالات الاجتماعية والثقافية والفكرية، بل وتصل إلى الجرأة على جانب الدين وتعاليم الشرع، ونصوص القرآن والسنة، ولكن القلم الغيور يأبى إلا أن يقول: إنَّه التخبُّط العام الذي لا نستطيع أن ننكره أو نتجاهله، وإنه الانجراف إلى مخدرات التبعيَّة المؤسفة للعالم الغربي، التبعية التي تتجاوز الأمور الاقتصادية إلى الفكر والثقافة والأخلاق والسلوك الاجتماعي، فكيف لا أكتب مُنْذِرَاً ومُحذِّراً.

إنَّ التخبُّط السياسي في عالمنا العربي يوحي بخطورة الوضع، ويؤكد أن الدول العربية في هذه المرحلة تحقِّق بامتياز معنى المثل العربي الشهير (يسير إلى حَتْفِهِ بظلفه).

الأوضاع الأخيرة في لبنان، وما يحدث وحدث قبلها في فلسطين، والأوضاع المضطربة في العراق، والمناوشات المزعجة في مصر واليمن، وغير ذلك من مظاهر الاضطراب المقلقة في العالم العربي، ذلك كلُّه يوحي بأن جرثومة (التخبُّط السياسي) تنتشر دون أن يكون هنالك برنامج واضح للمكافحة والوقاية والعلاج.

أَلم يحن للسادة والقادة والعلماء والمفكرين في عالمنا العربي أن يستيقظوا؟

إشارة:

حقوق بني الإنسان صارت كلُعْبَةٍ

لها جَرَسٌ يلهو بها القطُّ والفَارُ

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد