Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/05/2008 G Issue 13012
الاربعاء 09 جمادى الأول 1429   العدد  13012
حقيقة مؤشر بوصلتنا التعليمية
د. عبد العزيز بن سعود العمر

لنفترض أنك كنت تقود سيارتك في مدينة ضخمة كمدينة الرياض متجها نحو هدف معين حددته لنفسك، وفجأة اكتشفت أنك قد ضللت الطريق، فلم تعد تعرف في أي اتجاه أنت تسير، ولا إلى أين يأخذك الطريق، عند هذه اللحظة تحديداً لن تنشغل حتما بالبحث عن الطريق الصحيح الذي يوصلك إلى هدفك

بل سيكون اهتمامك منصبا على تحديد ومعرفة موقعك الحالي فقط، وعندما تعرف موقعك بالتحديد ستكون خطوتك الطبيعية التالية البحث عن الطريق الذي ينقلك إلى هدفك. بالمنطق نفسه تماما أقول: إنه يتعذر علينا حاليا أن نشق طريقنا بوضوح تام إلى هدفنا وطموحنا التعليمي، والسبب هو أننا -وببساطة- لم نحدد بعد موقعنا الحقيقي على الخارطة التعليمية، أي أننا مازلنا غير واثقين تماما من إننا نسير على الطريق التعليمي الصحيح نحو الهدف، كما أننا ما زلنا غير متأكدين من حقيقة مقدار ما حققناه من إنجاز تعليمي قياسا بما هو مطلوب منا لكي نصل إلى طموحنا التعليمي، والسؤال الكبير الذي لا بد من البحث في إجابته هو: لماذا نحن لسنا على درجة عالية من اليقين من صحة مسارنا التعليمي ومن مقدار ما حققناه من إنجاز تربوي؟

نحن أمام هذا الوضع المأزوم نجد أنفسنا باستمرار إما رؤيتين متناقضتين -ولا أقول مختلفتين- يطرحها فريقان من الناس نتوقع منهم أن يكونوا على درجة عالية من الوطنية والمهنية (مفكرون تربويون، وكتاب، ومسؤولون وناقدون) فريق يؤكد لنا أننا نسير على الطريق الصحيح نحو هدفنا التعليمي، ويؤكد أننا حققنا من الإنجازات التعليمية ماجعلنا نقترب كثيرا من طموحنا التعليمي، بل إن بعض أفراد هذا الفريق يرى أننا حققنا نجاحات تعليمية مميزة جعلتنا ننافس دول منطقتنا. وليس بالضرورة أن أفراد هذا الفريق ينطلقون من منطلقات موضوعية متجردة ويحتكمون إلى رؤى تعليمية مبنية على حقائق ومؤشرات ومعايير علمية. أما الفريق الآخر فيرى أننا ما زلنا نتلمس الطريق الصحيح نحو هدفنا التعليمي، ويرى أيضا أن ما تحقق من إنجازات تعليمية على الأرض لا يزال متواضعاً جداً قياسا بما يفترض أن نكون قد حققناه وقياسا بما لدينا من إمكانات مادية وبشرية كبيرة وقياسا بما حققته بعض دول قارتنا. اقرأوا وشاهدوا إعلامنا المحلي وتابعوا مطبوعاتنا وسيظهر لكم بوضوح تام كيف أن الفريقين اللذين أشرت إليهما موجودان بقوة في ساحتنا التعليمية بين هذا الفريق وذاك أصبحنا في شك من صحة مؤشر بوصلتنا التعليمية. فريق يتهم الآخر بالتشاؤم وتجاوز الحقائق وتجاهل المنجزات التعليمية الكبيرة، والفريق الآخر يرى أن صاحبه أفرط في التفاؤل والمثالية إلى درجة تعاميه عن الواقع التعليمي المتردي. إنها فعلا مشكلة وطنية كبيرة، وستكون المشكلة أعظم لو اكتشفنا أن أفراد كل فريق ينطلقون من أجندات شخصية لا علاقة لها بتحقيقنا لتعليم نوعي مميز يجعل منا أمة تشارك بفاعلية الأمم الأخرى في صنع حضارة اليوم وتقدم رفاهية إنسانها ولا تكتفي بأن تقتات على موائد الأمم الأخرى. بقيى فقط أن أشير إلى أن هناك فريقا ثالثا يشكل خطرا على تعليمنا، أفراد هذا الفريق تتحدد مواقفهم ورؤيتهم التعليمية في ضوء اتجاه الريح، مواقفهم ليست مبدئية وليست مطلقة، فحيثما هبت الريح يكون لهم رأي وتوجه مختلف.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5728 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد