Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/05/2008 G Issue 13012
الاربعاء 09 جمادى الأول 1429   العدد  13012
الإدارة بالقدوة
د. صالح بن سليمان الرشيد

لعل الكثير من المديرين يجيدون تماماً لعبة توبيخ مرؤوسيهم، وخلق شعور لديهم بأنهم مقصرون وتنقصهم الكثير من سمات النجاح في العمل. تجد المدير من هؤلاء لديه هواية انتقاد المرؤوس؛ فالموظف دائماً في موضع اتهام؛ فهو الشخص الذي لا يحترم مواعيد العمل، وهو الشخص الذي لا يدرك المطلوب منه، وهو الشخص الذي لا يحسن التعامل مع المشكلات التي تواجهه، وهو الشخص الذي لا يعرف كيف يتعامل مع زملائه بشكل صحيح، وهو الشخص الذي لا يتعامل بلطف مع عملائه، وهو الشخص الذي لا يحافظ على ممتلكات المؤسسة، وهو الشخص الذي لا يلتزم بتعليمات مديره، وهو الشخص الذي لا يهتم بهندامه، وهو الشخص الفوضوي، وهو الشخص الذي لا يراعي شعور الآخرين ويدخن في مكان العمل... إلخ. وقائمة كبيرة من الاتهامات التي تلاحق الموظفين دون غيرهم. وتجد في كثير من الأحيان أن المدير يفعل ما ينتقد فيه الموظف. تجد المدير يتأخر عن عمله، وتجده يدخن في مكان العمل، وتجده يخلق مشاكل بدلاً من حلها. بالفعل لم يعد المدير يمثل قدوة لموظفيه في كثير من الأحيان. إنها الإدارة بالقدوة، ذلك النمط الإداري الذي نحن في أمس الحاجة إليه في مؤسساتنا العربية. فالمدير عندما يسعى جاهداً كي يكون نموذجاً يحتذى به في العمل؛ فإنه بذلك يجبر الموظف على التشبه به؛ لأن الموظف يدرك في هذه الحالة أن مديره يسلك سلوكاً ما لأنه يحبذه، ومن ثم فإن الموظف عندما يسلك نفس السلوك فمن المتوقع أن يحوز إعجاب مديره، ولكن عندما يطلب المدير من الموظف انتهاج سلوك ما ويفعل المدير عكسه؛ فهو بهذا يبعث برسالة ضمنية إلى الموظف بأنه (أي المدير) غير مقتنع بهذا السلوك وربما يتهاون في نشره بين الموظفين. الحقيقة أن الإدارة بالقدوة لها وجود وتأثير في الكثير من المؤسسات وبصفة خاصة المؤسسات المتميزة، في إحدى شركات الطيران التي تحث موظفيها على بذل مجهودات كبيرة في سبيل تقديم خدمة متميزة لعملائها، في هذه الشركة يقوم رئيس مجلس الشركة بالرد شخصياً خلال 48 ساعة على أي رسالة تحمل شكوى من أحد العملاء، وفي شركة أخرى سعت إلى تطبيق رؤية تحث على تخفيض التكاليف تنازل رئيس مجلس الإدارة عن الكثير من الإمكانيات الموجودة بمكتبه في سبيل المساهمة في تحقيق هذه الرؤية. وفي شركة أخرى أصر رئيس مجلس إدارتها على استخدام سيارته الخاصة بدلاً من سيارة الشركة في سبيل تحقيق رؤية مماثلة أيضاً تتعلق بتخفيض التكاليف الجارية. يجب أن يدرك كل مدير أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن الإدارة بالقدوة أسهل كثيراً من الإدارة بالعنوة.

مستشار وأستاذ إدارة الأعمال والتسويق المساعد



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد