Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/05/2008 G Issue 13013
الخميس 10 جمادى الأول 1429   العدد  13013
أضواء
وداعاً أبا فهد
جاسر عبدالعزيز الجاسر

رحم الله أبا فهد.... الشيخ سعد العبدالله الصباح أمير دولة الكويت، الذي انتقل إلى رحمة الله (إن شاء الله) يوم الثلاثاء بعد حياة حافلة بالعمل من أجل وطنه الكويت وأمته العربية.

الشيخ سعد العبدالله الصباح عانى في الأيام الأخيرة من مرض عضال. إلا أنه عاش حياة حافلة بالكفاح ويعد بحق واحداً من أبناء الكويت الذين عملوا بإخلاص من أجل رفع شأن وطنه الكويت وأمته العربية، ولا غرابة في ذلك فهو الابن البكر للشيخ عبدالله الصباح باني الكويت الحديثة.

ولد سموه في الكويت سنة 1929م وهو الابن الأكبر للمغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح أمير الكويت الأسبق وتلقى تعليمه في مدارس الكويت ثم في كلية هندون لعلوم الشرطة في بريطانيا.

عين نائباً لرئيس دائرة الشرطة والأمن العام عام 1959م ثم رئيساً لها عام 1961م ثم وزيراً للداخلية في يناير عام 1962م والدفاع في يناير عام 1965م وفي يناير عام 1978م عين سموه ولياً للعهد.

ونجحت الحكومة الكويتية في عهد سموه في الارتقاء بمؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على السواء واستطاعت أن تصل بالمجتمع الكويتي إلى مستويات مماثلة لما حققته الدول المتقدمة بالإضافة إلى ذلك أولت الحكومة اهتماماً خاصاً بقضايا الأمن والشباب والشؤون الإسلامية وحرصت على تحقيق الأمن الزراعي وحماية البيئة.

ولم يدخر سموه جهداً أثناء فترة عمله في وزارة الداخلية في تطوير أعمالها ورعاية مصالح المواطنين مما انعكس على الحالة الأمنية في البلاد فساد الأمن وتوافرت الطمأنينة، الأمر الذي عزز مكانة دولة الكويت كبلد آمن وواحة أمان.

وبعد ابتلاء دولة الكويت بالاحتلال العراقي، قاد الشيخ سعد العبدالله الصباح تحت قيادة أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح جهود أهل الكويت لتحرير بلادهم، وكان للشيخ سعد الجهد الوافر أثناء فترة العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت، وقد تحرك سموه منذ اللحظة الأولى للعدوان وتمثل في إصرار سموه على مغادرة سمو أمير الكويت إلى المملكة العربية السعودية.

وفي 5 - 8 - 1990م التقى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في جدة حيث تم تبادل وجهات النظر وأسلوب التحرك إزاء الموقف الناتج من جراء العدوان العراقي الغاشم على دولة الكويت.

والتقى الرئيس حسني مبارك في الإسكندرية يوم 8 - 8 - 1990م وعقد لقاء آخر بالقاهرة يوم 9 - 8 - 1990م حيث تم الإعلان بعدها عن عقد مؤتمر القمة العربية الطارئ بتاريخ 9 - 8 - 1990م وترأس وفد الكويت بعد إلقاء سمو أمير الكويت كلمة بلاده أمام المؤتمر ومغادرته القاهرة في اليوم نفسه.

وقام سموه بجولته الأولى التي شملت سوريا وتركيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا في الفترة من 13 إلى 22 - 8 - 1990م.

وأبرز سموه خلال جولته موقف الكويت وبشكل مستمر على أنها ليست داعية حرب ولا تريد تعريض المنطقة للخطر بل كل ما تطلبه الكويت هو تنفيذ قرارات القمة العربية وقرارات مجلس الأمن 660 و661 و662 وقرارات مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية التي تتفق جميعها في ضرورة انسحاب العراق فوراً ودون أي شروط.

وكان التحرك الدبلوماسي لسموه مع سفراء الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن ومع سفراء الدول الشقيقة والصديقة مكثفاً لتبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات في المنطقة.

وإلى جانب ذلك تابع سموه بصفة دائمة تأمين الأوضاع المعيشية الكريمة للمواطنين الكويتيين في الخارج سواء في الدول الخليجية أو العربية وكذا تأمين المعيشة للمواطنين في الداخل بهدف رفع الروح المعنوية والوقوف على المستجدات في الساحة الداخلية واحتياجات المواطنين.

وكان إصرار سموه ووقوفه الصلب إلى جانب الحق الكويتي وعدم المساومة على أي شبر من الأرض الكويتية فضلاً عن مطالبة سموه بالتعويضات عن أضرار الاحتلال منذ الشهر الأول محل الثقة الكاملة للشعب الكويتي والتفافه حول قيادته الشرعية.

وتبنى سموه رفض الكويت لأي وساطات أو مبادرات لحلول وسط للأزمة وإصرار سموه على تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن والقمة العربية.

إلى جانب التحركات المستمرة لسموه كانت هناك علامة بارزة في تاريخ الكويت ألا وهي انعقاد المؤتمر الشعبي في جدة في الفترة من 13 إلى 15 - 10 - 1990 م وقد نبعت فكرة هذا المؤتمر من سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح حيث طرحها في أثناء زيارته إلى المملكة المتحدة ولقائه مع أبناء الكويت في لندن في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 1990م أي بعد حوالي شهر من وقوع الاحتلال العراقي البغيض. وبعد عودة سموه إلى الطائف عرض الأمر على أمير الكويت فباركها وأيدها.

وبالإضافة إلى الأعباء والمهام الجسام التي كانت موكولة إلى سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت والتي أداها بكل صدق وتفانٍ فإن ذلك كله لم يؤثر على أداء سموه لمهامه الأساسية كولي للعهد ورئيس لمجلس الوزراء التي تمثلت خلال هذه الفترة في رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء الذي كان في حالة انعقاد شبه مستمر في مدينة الطائف السعودية خلال فترة الاحتلال وذلك لإدارة شؤون البلاد والمواطنين في الداخل والخارج.

ومن أهم الموضوعات التي شغلت سموه في ذلك الوقت أثناء تفقده للقوات المسلحة الكويتية أثناء الاحتلال توافر متطلبات التسليح للقوات الكويتية المشاركة ضمن قوات التحالف التي قامت بدور بارز في تحرير الكويت أثناء المعركة البرية.

وكانت الفترة التي تلت التحرير مباشرة من أصعب الفترات التي مرت على الكويت في تاريخها الحديث وبرز خلالها سموه بأدائه المتفاني ودبلوماسيته العالية وحزمه وإصراره الصلب على التعامل مع كم المشكلات الهائل الذي واجه الدولة منذ اللحظة الأولى للتحرير الذي تمثل في إعادة مرافق الدولة إلى العمل بكل كفاءة وسرعة وفرض الأمن والنظام وإظهار هيبة الدولة وسلطتها وكذلك التعامل وبسرعة مع أكبر جريمة بيئية في التاريخ المعاصر وهي إطفاء آبار النفط التي حرقها المعتدي الغاشم عند طرده من الكويت.

رحم الله أبا فهد (الشيخ سعد العبدالله الصباح) فقد كان ابناً باراً للكويت وقائداً فذاً دافع عن عروبة الخليج والقضية الفلسطينية. ولعلنا نتذكر كيف أخرج القائد الفلسطيني ياسر عرفات إبان معارك أيلول الأسود في دبابة من عمان إلى خارجه منقذاً قائد الثورة الفلسطينية آنذاك.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد