Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/05/2008 G Issue 13016
الأحد 13 جمادى الأول 1429   العدد  13016
المساهمات العقارية
وعود ونكوص وتنظيمات عاجزة (1- 2)
د. عبد المجيد محمد الجلال

يقوم النظام الاقتصادي في الإسلام أساساً على حرية الأفراد في مباشرة نشاطهم الاقتصادي وفق ضوابط شرعية محددة تكفل سلامة هذا النشاط من كل شوائب الغش والخداع وأساليب الاحتكار والاحتيال بصورها وأشكالها المختلفة، وبما يضمن استقامة الحياة الاقتصادية في المجتمع الإسلامي وسلامة العلاقات التبادلية والنفعية بين أفراد المجتمع، وتتدخل الدولة في الإسلام لضمان التزام كل فرد بضوابط النشاط الاقتصادي، منعاً للظلم والإفساد، وتدخلها هذا يندرج في إطار مسؤولية ولي الأمر، ويتصل مباشرة بمسألة التكافل الاجتماعي.

إذا ما انتقلنا من هذا التنظير الشرعي لخصائص النظام الاقتصادي الإسلامي إلى الواقع المعاصر، وتنظيمات الدولة الإسلامية الحديثة، والمملكة العربية السعودية تحديداً، والتي تعتبر الأنموذج القيادي في تطبيقات التشريع الإسلامي، لوجدنا إطاراً من النظم والتنظيمات واللوائح الحاكمة لمجمل النشاط الإنساني في المملكة، والنشاط الاقتصادي والتجاري على وجه الخصوص، فضلاً عن تعدد الجهات والمؤسسات العامة التي تصدر التراخيص، وتشرف على مهمات الرقابة والمتابعة.

ومع وجود هذا السياج من النظم، والتنظيمات المؤسسية، والقواعد الشرعية الضابطة، تظل هناك فجوة واسعة بين التنظير والتطبيق، والواقع والمأمول، يتجسد في بعض التصرفات التجارية ذات الطابع الاستغلالي البشع التي تحيط بمنافذ الاستثمار في المملكة.

المساهمات العقارية، أو على الأقل جُلّها، أنموذج من نماذج التصرفات التجارية الاستغلالية التي تصادر حقوق الأفراد في رابعة النهار دون وازعٍ ديني، وتتعامل مع الأنظمة واللوائح بمكرٍ ودهاء، وتستغل الثغرات بما يحقق لها المزيد من المكاسب والأرباح.

تتفنن في اصطياد الفرائس، وتستغل بأسلوب محترف آلة الدعاية والإعلان للترويج لمنتجها، بمعسول العبارات والألفاظ والوعود لجذب وتخدير أكبر عددٍ ممكن منهم. بل والتدليس عليهم، والتغرير بهم، بما يخص الأرباح المتوقعة أو الفترة الزمنية لتصفية المساهمات.

بعد أن يتحقق الهدف الأساس بتجميع ودائع المساهمين، أو بعبارة أدق حصد الغنائم، تنهي إدارة المساهمة مباشرة أزيز آلتها الإعلامية، بعد استفاد الغرض منها، وتدخل في مرحلة جديدة يكتنفها الكثير من الغموض والتعتيم.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد