Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/05/2008 G Issue 13016
الأحد 13 جمادى الأول 1429   العدد  13016
بالحب صعد الرائد.. وبالحب سيبقى
عبدالله العرفج

ما دام أن أفراحنا الكبرى مؤجلة، وانتصاراتنا الكبرى مؤجلة؛ فمن حقنا أن نفرح ونبتهج بالانتصارات الصغيرة التي قد يراها البعض تافهة!!!

وهذه السطور تعبر عن فرحة لا يمكن خنقها، وأعدكم بأن تكون فرحتي أكبر عندما نحقق انتصارات ونجاحات كبرى على مستوى الوطن ومستوى الأمة.. وهي ليست مشاعر فرح خالصة، بقدر ما هي مزيج من الفرح والإعجاب والدهشة من حالة العشق الاستثنائي التي تربط نادي المطر بجمهوره الوفي.. وهي كذلك تهنئة بالوصول.. أو الصعود.

ليست الغرابة في أن يصعد الرائد للممتاز، إنما الغرابة في أن لا يصعد، ليست الغرابة في أن يكون ضمن الاثني عشر كوكبا، إنما الغرابة في أن لا يكون..

إن ناديا له مثل هذه الجماهير التي ترحل معه أينما رحل، وتحل أينما حل، يستحق أن يكون في الممتاز.. إن ناديا ينتمي إلى مدينة السبعمائة وخمسين ألف نسمة يستحق الممتاز.. إن ناديا ينتمي إلى مدينة تضم أكثر من خمسة ملايين نخلة يستحق الممتاز.. إن نادياً تأسس قبل أكثر من نصف قرن يستحق الممتاز..

عندما يصعد الرائد فإنه يعود لمكانه الطبيعي، كالطائر الذي يعشق الطيران لأقصى مدى، ولكنه يعود مهما أبعد، فتكون العودة أجمل وأحمد، فالأجنحة صارت أقوى، ولا حدود لمدى الرؤية.

لا أهنئ الرائد بالممتاز، ولكن أهنئ الممتاز بالرائد، فالرائد سيمنحه نكهة أخرى وطعماً آخر.. حلو جدا يشبه السكري والكليجا وقرص عقيل.. هو مدهش جدا، وجميل جدا، مثل قوس قزح بعد ضحى يوم ممطر.. وللمطر قصص وحكايا وأسرار أخرى مع الرائد يعرفها جمهوره ومحبوه..

إن ناديا بحجم الرائد، وبحجم جماهيره، والمنطقة التي ينتمي إليها، والمدينة التي يمثلها، حتما سيكون إضافة رائعة للممتاز.. الرائد مكانه الطبيعي الممتاز، ومن صالح الممتاز أن يبقى فيه، وهو مؤهل لأن يبقى، بل وينافس، إذا استثمرت الإدارة كل هذه الإمكانيات التي يهيئها هذا الكيان للنجاح..

ناد استثنائي بجماهير استثنائية، لم تتخل عنه جماهيره العاشقة حتى وهو في ظلمة دهاليز دوري الدرجة الثانية، بل حتى وهو في دوري المناطق.. تخفق له القلوب حبا وعشقا حتى وهو في أسوأ حالاته وأدنى مستوياته.. حتى وهو يهبط..

ما سر هذا الحب؟ يقولون إن المحب العاشق لا يسأل لماذا أحب.. حبه ولد معهم، وكبر معهم.. ولم يسألوا أنفسهم يوما: لماذا نعشقه؟ لماذا لم نتركه يوما يمشي وحيدا؟.. دائما كنا معه يهبط بنا.. ونصعد به.. ويصعد بنا.. و نصعد معاً.

وبدل أن يتساءلوا: لماذا نحبه؟ يوغلون في حبه أكثر، ويمطرونه بمزيد من العشق... فهو النادي الوحيد الذي يتقدم بالحب ويصعد بالحب برغم أن أحد المدربين قال إن الحب الزائد هو إحدى مشكلاته..

الحب جنون، والحب أعمى، وحبهم جنوني، وحبهم أعمى، وحبهم عاصف، حالة خاصة... كم خفنا وأشفقنا على الرائد القمر المعشوق، من جنون العاشق وقسوته أحيانا، فمن الحب ما قتل.. ولكن الحب أيضا يصنع المعجزات.. وقسوة العاشق المحب من نوع آخر، قسوة العاشق قوة محركة، قسوة العاشق طاقة دافعة لأن يكون المحبوب أكثر تألقاً، أكثر جمالاً، أكثر قدرة على الإمتاع والإدهاش.

يقولون الرائد رقم خمسة من حيث الجماهيرية، وأقول صحيح إذا كان ذلك بحجم الجماهير، أما إذا كان بالفعالية والتأثير، حتى في اتخاذ القرار، فهو الرقم واحد، والرقم الصعب في المعادلة الرياضية.. لأن الكيف أهم من الكم.

أذكر أن إحدى مبارياته نقلت من القصيم إلى الأحساء، فما كان من الجماهير إلا أن تعاهدوا على أن يكونوا هناك مع قمرهم، كما لو كانوا هنا في بريدة.. وفعلا امتلأ المدرج بجماهير رائدية غطت على جماهير النادي المضيف كثرة وتشجيعا، وكست المدرج باللونين الأحمر والأبيض..

كما شاهدناها في (المحالة) في مشوار الصعود الأول كانت تمشي هناك ما بين أبها وخميس مشيط في شموخ جبال عسير، وتغني أنشودة المطر.. والصعود كان يلوح في الأفق، وعلى بعد تسديدة من قدم واعدة..

وقد شاهدتم تلك الجماهير العاشقة هذا العام، في ملعب نادي الرياض، أكثر حضورا وأكثر إبهارا.. حاول أحد الجماهير رمي علبة ماء في أرض الملعب، فما كان من تلك الجماهير الواعية والمسؤولة إلا أن نهرته بصوت واحد ليشربها بالهناء والعافية بدلاً من أن يرميها..

إنها المسؤولية والفعالية والخوف على المحبوب.. وبعد نهاية المباراة كان (وادي لبن) يسيل بأمواج حمراء هادرة بأغنية الصعود الذي لاح بالأفق..

إن هذا الكيان أمانة في عنق هذه الإدارة التي تسامت على جرحها واستفادت من أخطائها، وأعادت الفريق إلى مكانه الطبيعي بالرغم من ضعف الإمكانيات..

بين يديها درة مكنونة وهي أهل لأن تصونها.. بين يديها كنز، وهي أهل لأن تحافظ عليه.. ليس هذا فقط بل تستثمره من أجل غد أفضل، من أجل غد مشرق، يستحقه هذا الكيان ويستحقه هذا الجمهور الوفي..

آن لهذا الفارس أن يمارس هوايته في الركض، في ميادين أكثر رحابة، ومع فرسان أقوى عزيمة.. وأن يظل هناك.. فهو مكانه الطبيعي.. بل إنه قادر على أن ينافس ويحرز قصبة السبق..

ومن أجل أن يبقى، وينافس، لابد من تضافر الجهود؛ الإدارة، والجمهور، ورجال الأعمال من محبي الرائد ومحبي بريدة.. وليتأكدوا أن نجاح الرائد نجاح لهم.

قطرة مطر

مثلما اتفقنا على حبه دعونا نتفق على حب بعضنا، بل ما المانع من أن نحب ( جارنا ) ؟




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد