Al Jazirah NewsPaper Monday  19/05/2008 G Issue 13017
الأثنين 14 جمادى الأول 1429   العدد  13017
د.خيرية وعاصفة التعليم
محمد عبدالعزيز الفيصل

قبل أيام تناولت أستاذتنا الكريمة الدكتورة خيرية السقاف في زاويتها اليومية الرائدة بصحيفة الجزيرة تحت عنوان (شيء في خواطرهم) وعلى مدى أربع حلقات، موضوع مخرجات التعليم وأشارت في طرحها الراقي والمتميز إلى مقال سبق أن ناقشت فيه هذا الموضوع، وهو جزء من سلسلة مقالات سبق أن تداولت خلالها بعض الأساسيات (التربوية.. العلمية) التي أزعم بأنها السبب في تأخر مستوى تعليمنا وضعف مخرجاته، ولقد سعدت كثيراً بأن يطرح مثل هذا الموضوع الخطير والحساس من قبل شخصية ثقافية وعلمية وصحفية عالية المستوى بحجم الدكتورة خيرية، فلها كل الشكر والتقدير والامتنان على هذه اللفتة الجميلة التي أعتز بها كثيراً.

وفي معرض هذه المقالات أشرت إلى انخفاض المستوى التعليمي لخريجي التعليم العام، وأذكر أيضاً أنني قد لمت المعلمين على هذه النتيجة، مع أني قد أوردت نصوصاً لبعض المختصين تثبت ذلك بالإضافة إلى بعض الإحصائيات والتحقيقات تكرِّس ما أتحدث عنه ولكن ذلك لم يرق للكثيرين منهم فكان السب والشتم (الشخصي) هو أيسر الطرق وأسهلها للنيل من مثير هذه القضية محدثكم، وكانت وزارة (التربية والتعليم...؟!) تحتفي بهذا الكم الهائل من الكلام السوقي وعلى منتداها الرسمي بالشبكة العنكبوتية في خطوة (جريئة) غير مسبوقة لتهديد كل من تسوِّل له نفسه الحديث عن أي موضوع يخص التعليم أو ملحقاته التي قد تمس الوزارة من قريب أو بعيد.

لم يكن (تعليمنا) بحاجة إلى عمل خارق (مبتكر) لكي يتمكن صنَّاعه من تخريج جيل (جديد) قادر - على أقل تقدير - على أن يحافظ على هاتين الصفتين: حب التعليم والانتهاء إلى شهادة (عملية) تضمن بأن هؤلاء قد اصطحبوا معهم بذرة صالحة يمكن إعادة بنائها (ترميمها) في المراحل الجامعية وما بعدها، ولا أظن بأن أحداً يجهل تلك النسبة الكبيرة من طلاب الثانوية العامة التي عادت من البلدان التي ابتعثت إليها بخفي حنين..!، لماذا ؟ في تصوري أن السبب معروف، فالجامعات الأجنبية ليست لديها أدنى فكرة عن المستوى الضعيف الذي يحمله خريجو الثانوية العامة بخلاف الجامعات السعودية فهي على معرفة تامة بمستوى الطلاب الذين يفدون إليها، ولا أدل على ذلك من ابتكار السنة التمهيدية التي شرعت جامعة الملك سعود في تطبيقها على الطلاب الجدد. أمور كثيرة يجب علينا الاعتراف بها وعدم إنكارها، ومن دون هذا الاعتراف لن نستطيع أن نحل أي شيء أو حتى أن نحرك ساكناً، فالمريض عندما ينكر وجود المرض لديه فلن يتم علاجه، المشكلة أن وزارة التربية والتعليم والمعلمين لم يعترفوا بوجود هذا الخلل وهذه مشكلة أخرى تحتاج إلى علاج وحل.

يشير معالي الدكتور غازي القصيبي في إحدى محاضراته إلى أن للمعلم الناجح أربع صفات لا تفارقه ولا يفارقها وهي: (عشق المادة، محبة الطلاب، القدرة على التواصل، التسامح الفكري)، وإذا تمعنا في هذه الصفات جيداً فسنجد أن جزءاً من المعلمين يتمتعون بهذه الصفات، أما السواد الأعظم فلم يحرصوا على تطويرها، يتصوّر البعض أن التعليم هو عملية سهلة تافهة وهذا خطأ كبير، ففي بعض البلدان الأوربية - وأنا لا أطمح لأن نكون في مستواهم، بل أفضل منهم - يتم انتقاء معلمي المرحلة الأولية بعناية شديدة، فلا بد أن يكون حاصلاً على شهادة الماجستير وأن تكون مدعمة بالعديد من الدورات المكثفة في المجالات التعليمية والنفسية والنتيجة عندهم واضحة تماماً كالشمس, جيل متعلّم يتمتع بقدرات متنوّعة وهوايات جمّة في شتى المجالات, وأنا أعرف بعض المعلمين يتقن المهنة ويقوم بدور الطبيب والمرشد الطلابي.. وإلى غيرها من المهام التي لا تجد من يدعمها معنوياً..!، أما مادياً فهذا هو الشيء المحظور لدى المسؤولين في الوزارة فلا أتذكّر أن معلماً متميّزاً سبق أن صُرفت له مكافأة.. حتى لوكانت رمزية فلها مدلول كبير لمن تقدّم إليه، ولو وصلت الوزارة إلى مستوى التقدير المعنوي لكان ذلك إنجازاً رائعاً مع أني على يقين بأن جزءاً ليس باليسير من المعلمين يستحقون التقدير.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7448 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد