Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/05/2008 G Issue 13018
الثلاثاء 15 جمادى الأول 1429   العدد  13018
خالد بن إبراهيم الصقعبي
(عقد دورات تبيّن أهمية تربية الأبناء)

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده أما بعد:

مما لا شك فيه أنّ الإسلام سبق غيره في مراعاة تحقيق كرامة الإنسان أياً كان نوعه وجنسه وديانته، من أجل ذلك حرم الاعتداء على جنس الإنسان، سواء كان هذا الاعتداء على بدنه أو ماله أو عرضه، إلاّ من خلال ضوابط جاءت بها الشريعة، والمقام ليس للحديث عن هذه التفصيلات والتفريعات. ولا شك أن المسلم يتميز بمزيد كرامة عن غيره، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم مسلم)، وبما أن الحديث عن العنف الأسري والذي بدأ يطفو على سطح المجتمع، نظراً لأسباب يطول حصرها، ولكن من خلال هذا المقال يحسن التنبيه على أن الشارع بتشريعاته الحكيمة لم يمنع من التأديب مطلقاً. ولم يفتح الباب على مصراعيه ليمارس الأولياء شتى أنواع التعذيب تحت مظلة التأديب، بل جعل هناك شروطاً للتأديب من قِبل من له حق التأديب شرعاً. فجعل للتأديب شروطاً لا يجوز بأي حال من الأحوال تخطيها ومجاوزتها. وإنما أقول ذلك لأننا بدأنا نسمع أصواتاً تطالب بترك الحبل على الغارب للأولاد، وعدم التعرض لحرياتهم الشخصية كما يقال تحت مظلة محاربة العنف الأسري والذي هو مطلب ولا شك، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليق السوط فإنه أوعى لتأديب الولد. ولكن من جهة أخرى لا يجوز للأولياء الذين لهم حق التأديب، أن يتخذوا من هذا المدخل الشرعي للممارسة أموراً لا يقرها الشرع في تأديبهم لأولادهم. حتى وصل الأمر إلى القتل لأطفال أبرياء لا ذنب لهم ولا حول لهم ولا قوة. ونحمد الله تعالى أنها ليست ظاهرة في مجتمعنا الطيب المبارك، ولكنها شرارة نخشى أن يزيد شرارها، فيصعب حينها علاجها. هناك ولا شك أسباب لهذا العنف الأسري بعضها طرق كثيراً على حد قولهم فُتل طبخاً كما لحالات التقيد والوقوع في شرك المخدرات ونحو ذلك، ولكن هناك أسباب غير ظاهرة من أبرزها الانتقام من الزوجة المطلقة، وذلك من خلال النكاية بأولادها. أيضاً هناك آباء وأمهات يمارسون هذه الهمجية، لأنّ هذا هو حدود معرفتهم بمفاهيم التربية ومتطلّباتها. ومن الجدير بالذكر أن العنف الأسري لا يقتصر على التعذيب البدني فحسب، بل هناك التعذيب النفسي والذي لا يقل خطراً عن الأول .. حينها ينتج عن هذه التربية انحراف في التصورات والأفكار، حينما يكون الأولاد عرضة لاصطيادهم من قِبل الأشرار أياً كانت توجهاتهم. ومن هذا المنطلق فإنني أحمِّل مراكز الاستشارات والإصلاح الأسري مسئولية عقد دورات تبيّن أهمية تربية الأبناء وطرق ذلك وضوابطه، حتى لا تكون التربية محل اجتهادات خاطئة ينشأ عنها أحداث ربما وصلت إلى القتل .. أسأل الله أن يحمي مجتمعنا من الزيغ والزلل، وأن يحفظ علينا إيماننا وأمننا .. إنه خير مسئول والله أعلم .

* المشرف العام على مشروع التوفيق الخيري لراغبي الزواج - والمشرف على لجنة الاستشارات والإصلاح الأسري في مدينة بريدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد