Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/05/2008 G Issue 13018
الثلاثاء 15 جمادى الأول 1429   العدد  13018
ماجد عبدالله قصة عشق لم تنته

ماجد عبدالله.. يكفي أن أنطق اسمه.. لتتعطل حركة الأقلام..

لأنني سأبحر طويلاً في تاريخ طويل.. وصور جميلة تنثال من الذاكرة تتقزم أمامها الحروف..

فهو اسم لا يعبر السمع كأس اسم...

قلما يمر في ذهن أي رياضي، دون أن تستدعي ذاكرته ملمحاً من تاريخ عريض، وثق علاقة خاصة وفريدة من نوعها، لم تعرف لها الملاعب شبيهاً طوال تاريخ كرة القدم السعودية.

يمر اسم ماجد...

فتقفز إلى الذاكرة صورة فرح عارم يجتاح المدرجات التي طالما أقامها وألهب أكفها وانتزع منها آهات الإعجاب..

يمر اسم ماجد..

تسابقه صورة له ألفتها الجماهير وهو يركض نحوها، رافعاً يمناه، وابتسامة فرح وثقة وتواضع تعلو محياه، بعد أن أنجز مهمته المعتادة..

يمر اسم ماجد..

فتراه معتلياً الهامات ليسكن برأسه الكرة في مكان يعرفه تماماً..

يمر اسم ماجد..

فيبدو لك يسابق الريح، في طلعة هجومية قلما أخطأت الهدف..

يمر اسم ماجد..

وهو يغادر الميدان كالفارس المنتصر - حتى وفريقه خاسر - لينحني تواضعاً، يقبّل كل من في طريقه كباراً وصغاراً ومعاقين!..

يمر اسم ماجد..

وصورته يرفع كأساً أو درعاً حازه فريقه، أو جائزة تفرّد بها..

يمر اسم ماجد..

فتستعيد آلاف العناوين، والمانشياتات، والصور، الصحفية، التي كان محورها وصانعها الأول..

يمر اسم ماجد..

فيمرر في الذاكرة شريط طويل من ذكريات الزمن الجميل، قاسمها المشترك نجومية فذة، وجماهيرية فريدة، وقدرات خارقة، وعلاقة حب، وارتباط وثيق، مع كل أطياف الجمهور الرياضي، جمعهم حب ماجد، وجمعوا على تميزه واستحالة تكراره.

***

مرّت عشر سنين منذ أن لوّح ماجد بيده مودعاً ميادين كان فارسها الأول، وجماهير كان عشقها الأوحد، ولايزال ماجداً كما كان.

ما يثير العجب أن صغاراً لم يعرفوا الكرة إلا بعد زمن ماجد، بل إن بعضهم قدموا إلى الدنيا بعد اعتزاله، ومع ذلك يعرفونه تماماً كمن عايشوه واقعاً، بل إنهم يعرفونه بأنه نجمهم المفضل، وهذه نادرة كررها ماجد، ولم يسبقه إليها إلا قلة من النجوم الكبار على مستوى العالم، كبيليه، ومارادونا!.

***

هذا الماجد حالة خاصة، ولاعب استثنائي..

هذا الماجد قصة عشق لم ولن تكتمل فصولها..

لم ولن يكون عابراً ككثير ممن سبقوه..

لا يساورني أدنى شك في أن ملعب الملك فهد الدولي، سيضيق بعشاق ماجد ليلة تكريمه..

سيأتون من كل مكان ليشاهدوا ماجدهم..

سيلتئم شملهم من جديد..

سيشاهدونه في آخر صورة وهو يركل كرة الوداع...

سيمرّ عليهم الوقت ثقيلاً في انتظار أن يهبط أرض الملعب، ناصباً قامته الباسقة، كقائد جيش مهاب، وعلى عضده الأيسر شارة القيادة، وفي يمناه شعار النصر، وعيناه ترنو إلى أعلى ما واجهه من المدرجات، كما كان يفعل من قبل..

ربما يعيد ما كان مما عهدوه عنه، من علاقة وطيدة مع الشباك..، وربما تتمرد عليه كرة كانت طوع أقدامه وهامته..

لكن عشاق ماجد ستخفق قلوبهم وهم يشاهدونه بزي النصر..

وسيرصدون حركاته وسكناته أكثر من كاميرات المصورين..

انتظاراً لانطلاقة كالسهم، أو ارتقاء يعلو الهامات..

أو أملاً في أن يتصدى لضربة جزاء يأتي بها القدر..

يضع الكرة برفق على نقطة الجزاء..، يم يستقيم واقفاً ليعيد (لزمته) الشهيرة ويعدّل (الشورت).. يتراجع خطوات قليلة ثم يتقدم، ويضع الكرة في زاوية المرمى، والحارس في الزاوية الأخرى..!

***

المؤكد أنه مهما يكن من أمر ماجد في يوم وداعه، إلا أن عشاقه لن يطلبوا منه، وقد أعطاهم كل شيء في الخوالي، أكثر من وجوده بينهم، ولو اكتفى بالوقوف متخصراً كلتا يديه، تلك الوقفة الشهيرة التي كان يقطع بها لحظات الانتظار.

لكنها يوم الوداع ستحمل طعماً مراً، لأن ماجداً لن ينتظر شيئاً بعد تكريمه، وعشاقه كانوا يعزون أنفسهم منذ اعتزاله بالانتظار للقائه يوم وداعه، وها هو يودعهم وداعاً أخيراً لا لقاء بعده على ملاعب الكرة.

ناصر بن محمد المرشدي - الرياض


naser2989@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد