Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/05/2008 G Issue 13020
الخميس 17 جمادى الأول 1429   العدد  13020
شيء من
منبر الجمعة والسينما
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

يقول خبر جاء من مدينة حائل: (احتجاجا على عرض الفيلم السينمائي الهندي (الظلام) في نادي حائل الأدبي، دعا إمام مسجد كبير في مدينة حائل إلى مقاطعة النادي وأعضائه، واعتبار كل من يذهب إليهم من الرجال والنساء (ساقط أو ساقطة عدالة)..). وجاء في الخبر: (وفيلم (الظلام) يتناول معاناة طفلة فاقدة السمع والبصر واستطاعت بمساعدة معلمها أن تقهر الإعاقة، وتحقق حلمها بالحصول على الدرجة الجامعية في الآداب). انتهى الخبر.

لهذا الخطيب الحق أن يتبنى القناعة التي يراها الأقرب إلى الصواب، ولا أحد يبخسه هذا الحق. ولكن أن يستغل منبر الجمعة، ويُقحمه في قضايا (خلافية)، وليست - على الأقل - محل إجماع، فهذا ما يجب أن نتوقف عنده، ونتساءل: هل يحق لخطيب الجمعة أن يتحدث في القضايا الخلافية ويظهرها وكأنها ثوابت؟. وهل منبر المسجد منبر يملكه الخطيب، أم هو أمانة يجب أن يتعامل معها بكل حذر وكياسة وإحساس بالمسؤولية، بعيداً عن المماحكات الثقافية أو السياسية؟. ثم بأي حق يصف هذا الخطيب أن كل من ذهب إلى النادي (فهو ساقط أو ساقطة عدالة)؟

يجب أن يعي خطباء المساجد أن منبر الجمعة أمانة في أعناقهم، وأن هناك ضوابط (شرعية) لخطب الجمعة؛ وإذا كان هناك من (سيّس) خطبة الجمعة، مثل تنظيم (الإخوان المسلمين) والتنظيمات المتفرعة عنه، فإن ذلك خروج على الضوابط التي حددها الفقهاء، وبالذات السلف منهم، لما يجب أن تشتمل عليه خطبة الجمعة.

هذا أولاً.

أما ثانياً - وهو الأهم - فإنني لا أفهم احتجاج هذا الخطيب على هذه الفعالية الثقافية. فهل موقفه المتشدد هذا نابع من أنه (ضد) السينما كمبدأ، أم هو ضد هذا الفيلم تحديداً؟

وبالمناسبة، أتذكر في عقد التسعينيات هجرية من العقد المنصرم، أن الأندية الرياضية في الرياض، مثل ناديي الهلال والنصر، كانت تعرض علناً أفلاماً سينمائية، وكانت تبيع التذاكر، وكانت هذه الأفلام تحظى بإقبال واسع من قبل الشباب، ولم يعترض أحد، فما الذي تغيّر؟

قد يقول بعض المتشددين إن في ذلك (فساداً وإفساداً)؛ ففي بعض مشاهد هذه الأفلام قد تظهر بعض اللقطات، أو العبارات، غير الأخلاقية. وهذا صحيح إلى حد ما؛ غير أننا يجب أن (نفرق) بين السينما كوسيلة توعية وثقافة، وبين المحتوى الذي قد تحتوي عليه بعض الأفلام. يجب أن نرفض المحتوى لا السينما ذاتها؛ فالسينما أداة، مثلها مثل التلفزيون، قد توظف في الخير، وقد تكون معول هدم أخلاقي وربما أفظع من ذلك. أما أن نرفضها من حيث المبدأ فهذا ضرب من ضروب التطرف.

ونحن لنا مع الرفض ومن ثم السماح تاريخ حافل (بالتناقضات). حرّموا في السابق مشاهدة (القنوات الفضائية)؛ والفتاوى بتحريم اقتناء (الدش) يتذكرها الجميع؛ وها هم الآن يتسابقون على الخروج في الفضائيات طلباً للشهرة والألق الإعلامي.

وأكاد أجزم أن هذا الرفض (القاطع) لدور السينما اليوم، سيتحول في الغد إلى (سينما إسلامية)، مثلها مثل القنوات الفضائية الإسلامية التي تملأ الفضاء الآن والتي كانوا يرفضونها في الماضي؛ فالمسألة مسألة وقت والأيام بيننا.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد