Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/05/2008 G Issue 13022
السبت 19 جمادى الأول 1429   العدد  13022
المنشود
أموال وراء القضبان!!
رقية سليمان الهويريني

لم يكن السيد سعد بدعاً من الخلق، أو مختلفاً عن الناس، حين وضع جميع أمواله في أحد المصارف، وأبقى مفاتيح ثروته سراً لا يعرفه سواه؛ حتى أنه لا يستخدم الصراف الخاص بخدمة السيارات لكيلا يرنو أحد لرقمه السري أو يرمق منه بعض الأرقام، بل إنه يوقف سيارته بعيدا ويلتفت يميناً ويساراً ويدلف غرفة الصراف ثم يدخل بطاقته ويسحب ما يحتاج له من مال!

طلبت منه زوجته مازحة معرفة رقم بطاقته السري، بيد أنه رمقها بنظرة غاضبة، وعقد ما بين حاجبيه مستهجناً منها الجرأة، مستنكراً عليها الجسارة!!

ذات صباح صيفي وجدته زوجته مغمى عليه، فسارعت بنقله إلى مستشفى خاص؛ فهو رجل مقتدر. وكانت المفاجأة أن جاء التشخيص جلطة دماغية حادة!! وعاشت معه زوجته أحلك اللحظات وأحرجها، وشعر أبناؤه بفَقْده؛ فهو رجل لطيف وحنون وكريم على أسرته.

استمر المستشفى يطالب بدفع التكاليف الأولية ومتابعة العلاج، ويستحث أسرته على مغادرته المستشفى، فسارعت زوجته للدفع مما لديها في المنزل، ولكنه لم يغطِ التكاليف! ولكونها لا تعرف رقم البطاقة السري لم تتمكن من السحب من رصيده الوفير، فاضطرت إلى بيع ذهبها. بينما الوقت يمضي ومقام الرجل في المستشفى يطول، حتى أصبح الأمر ملحَّاً للدرجة التي لم يتوافر لأولاده المصروف الخاص للضروريات اليومية. فلجأت إلى البنك لتسديد الفواتير المستحقة عليه، وهي تحمل التقارير الطبية التي تبين حالته الصحية؛ إلا أن البنك رفض الكشف عن حسابه أو السماح لها بصرف ريال واحد ما لم يكن لديها توكيل شخصي بذلك!!

وعاشت همّ الحيرة، وغمّ الطلب؛ فالمستشفى يلح بالتسديد، والرجل غارق في غيبوبته، والبنك يرفض الصرف! حتى سعت وهي كارهة للاستدانة والاقتراض من الأهل والأصدقاء!!

وعادت بذاكرتها للوراء، حين اقترنت بهذا الرجل الذي منحته ثقتها وحبها ومشاعرها، فكانت تسر له بجميع مكنوناتها، وتشكو له مما كانت تعده جوراً أو اعتداء من الآخرين. وبالمقابل كانت له صديقة يحدثها عن مشاريعه وأملاكه وأرصدته، ولم تستغل قط تلك المعرفة بحجم أمواله وكمية مدخراته بمزيد من الطلبات وكثير من النفقات، بل كانت سامية بأخلاقها، حكيمة بصرفها، مدبرة في بيتها! فكان في كل مناسبة يشيد بهذا العقل الذي يضيف حسناً على جمال الشكل!!

ورغم هذا لم تكن تلك المميزات شفيعاً عنده ليمنحها الثقة، ويعتمد توقيعها عند الحاجة للصرف أو يخبرها برقم البطاقة السري لاستخدامه وقت الطوارئ حتى لا تضطر للاقتراض والانكسار! ألا يمكن منح ثقتنا لأحبائنا، ونحن نعطيهم قلوبنا، وأن تكون هناك حدود معقولة لمفاهيم الثقة بهم والطمأنينة لهم والحذر منهم؟!

ص.ب 260564 الرياض 11342


rogaia143@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد