طرح الدكتور زيد المحيميد في الجزيرة الاقتصادي في عدد الخميس (10 جمادى الأول 1429، العدد 13013) مشكلة تبدوا ملامحها تلوح بالأفق وهي العاملات بالأسواق النسائية الموجودة في مدن المملكة تحت عنوان (مشروع السنبلة النابع من القيصرية), وبأسلوب عفوي بسيط تحدث عنهن وعلى لسانهن (أم علي وأم سعد) وهما عجوزان كبيرتان في السن أمضين عمرهن في البيع والشراء والكسب الحلال وأمثالهن كثيرات حيث نشأت أسر وبنيت مساكن من دخلهن, تخيل الدكتور زيد أنهن يخرجن من بيوتهن ذات صباح ويتحدثن عن مشكلتهن وعدم تطويرهن والاهتمام بهن ويناشدن وزير العمل للتدخل، إن ما ذكر في المقال هو واقع ملموس ينطبق على جميع العاملات في تلك الأسواق في معظم مدن المملكة على اختلاف شكل تلك الأسواق ومواقعها في كل مدينة وبلدة وكذلك أسمائها(البسطات - القيصريات - الكبرات وسوق الخميس والجمعة) وغيرها، هذه المشكلة هي جزء من كل وهو عمل المرأة بالأسواق، لابد أن ننظر لهذا الواقع من عدة زوايا منها حل المشاكل القائمة في هذه الأسواق كسوء التنظيم وقلة أعدادها ووسائل السلامة والشكل العام, والجانب الثاني أن هذا النموذج على الرغم من بساطته وبدائيته إلا أنه يعطي نموذجا ناجحا لعمل المرأة في الأسواق والتي نتجادل حولها منذ فترة وهذه الأسواق البسيطة التي تقع في قلب سوق المدينة توفر لنا هذا النقاش حيث أن عمر هذه الأسواق عشرات السنين، وقبلها أفراد المجتمع من ذلك الوقت بكل رحابة صدر، أم ندعي أننا أكثر منهم تحفظا وغيره منهم!!! إ وهذا ما يثير استغراب المعنيات بالأمر وهن النساء اللاتي يعملن في الأسواق أو ينتظرن فرصة عمل فيها تكفل لهن ولأسرهن عيشة كريمة, بعيدا عن عطف الآخرين, فمنهن من هي مسؤولة عن أولادها, وأخرى عن أبيها وأمها، وغيرها عن زوجها فلكل منهن ظرفها وقصتها, والمجتمع يناقش المبدأ الذي تجاوزنه تلك النسوة بفطرتهن النقية ومارسنه بكل جد وكرامة واستطعن أن يشكلن بضاعتهن حسب متطلبات السوق النسائية من المصنوعات والمنتجات المحلية والملابس النسائية الخاصة حتى أنهن يتاجرن بالذهب أمام محلات المجوهرات بخطى واثقة وخبرة طويلة, الجانب الأخير هو رفع الظلم الذي قد يقع على تلك الأسواق والذي ألمح فيه الدكتور زيد بالضغوط الواقعة على تلك الأسواق والعاملات فيها، وهنا تؤكد الضغوط تلك اللوحة الموجودة حتى الآن على واجهة أحد الأسواق في أحد مدن المملكة ونصها (تنوي البلدية إغلاق السوق وإخلائه من البسطات وعلى البائعات تدبير أمورهن)!!!!!, عبارة في من منتهى الإثارة وعدم المسؤولية, ما معنى تدبير أمورهن هل يجلسن في بيوتهن ويندبن حظهن ويتركن وسيلة كسب عيشهن، أم يذهبن إلى الجمعيات الخيرية وأقربائهن لطلب المساعدة أم إلى المحكمة للشكوى!!!!, أم عليهن افتتاح صالات ومجمعات تجارية على غرار الماركات العالمية!!!, أم ماذا؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات عاجلة لمشكلة حالية وإجابات منتظرة من جهات مختلفة لمشكلات متوقعة، كان الأحرى أن تكون عبارة تلك اللوحة (أخواتنا البائعات سوف تقوم البلدية بإنشاء محلات حديثة مجانية الإيجار ومنظمة حسب الأنشطة وسترعى البلدية مع الجهات المعنية الأخرى نجاح هذا السوق بدفع المكافئات للبائعات المتميزات والملتزمات بالأنظمة. إن عمل المرأة بالأسواق أمر واقع أملته الضرورة فرغبة كل النساء أن يكن ملكات بيوتهن لكن عملهن في البيع والشراء تحت مظلة الشريعة السمحة خير من انتظار صدقات المحسنين أو وقوعها فريسة للمحتالين والمنحرفين. نداء عاجل توجهه تلك النساء في مقالة الدكتور زيد المحيميد إلى الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة العمل وبالتحديد إلى الدكتور غازي القصيبي، والشؤون البلدية والقروية وصناديق الإقراض والجهات المسؤولة عن التدريب في قطاعاتها الحكومية والخاصة والخيرية لتوجيه الجهود لتلك الأسواق والعاملات بها لتنظيم ودعم ثقافة هذا العمل الشريف.
د. علي البراك - كاتب وأكاديمي سعودي
alialbarrak@hotmail.om