Al Jazirah NewsPaper Monday  26/05/2008 G Issue 13024
الأثنين 21 جمادى الأول 1429   العدد  13024
الرئة الثالثة
الشباب والجامعة: قراءة تنموية 4 / 5
عبدالرحمن بن محمد السدحان

نطاق الاستيعاب في الجامعات:

* نأتي الآن إلى قضية أخرى نشقى بها منذ حين بسبب تنامي عدد خريجي الثانوية العامة، وهي أن الجامعات الحالية وما قد ينضم إليها عاجلاً وآجلاً، إضافة إلى الكليات العسكرية والتقنية، لا تستطيع استيعاب كل طارق لأبوابها، لعدة أسباب، منها: التخصص، والتقدير الأكاديمي للمتقدم، والمكان، كل هذه محددات لا يمكن تجاهلها أو تحجيمها في منظومة القبول في الجامعات، ومعنى ذلك أن قدرة أي كلية جامعية أو شبه جامعية على القبول مشروطة ب:

1- توفّر التخصص الملائم.

2- توفّر المعدل الأكاديمي المؤهل للقبول.

3- توفّر المكان.

4- توفّر التجهيزات الفنية اللازمة في الكليات العلمية القادرة على استيعاب الطلب.

***

* والجامعة أو الكلية تعاني بدورها الكثير من ممارسة سياسات القبول، فقد يتوفّر التخصص لطالب القبول، لكن تقديره لا يؤهله لذلك، وقد يتوفّر التخصص والتقدير اللازمان للقبول، لكن المقاعد المتاحة محدودة، فتضطر الكلية إلى (المفاضلة) بين الخريجين لاختيار العدد المطلوب.

***

* ولعلاج هذه المعضلة، تُطرح بين الحين والآخر الحلول التالية:

أولاً: هناك من يدعو إلى توسيع قاعدة القبول في الجامعات، بغض النظر عن التقدير المطلوب، ويتطلب هذا بالطبع توسيع الرقعة المكانية للجامعات لرفع قدرتها الاستيعابية. ولهذا البديل محاسن وعيوب.. فمن محاسنه أن يتيح الفرصة لكل راغب في الجامعة للانتظام بها، ومن ثم يقطع دابر الحيرة والقلق في نفس الخريج الثانوي، كما أنه يُحقِّق أمل أولياء الأمور الذين تشقيهم حيرة ابنهم أو ابنتهم بحثاً عن هوية (الجامعي)!

***

* لكن لهذا البديل عيوباً ترجح بمنافعه، منها:

أ- ترجيح عامل الكمّ على ما سواه مما يؤدي إلى تزاحم الفصول، ومن ثم اضطراب العلاقة بين الطالب والأستاذ، وتقليص المنفعة العلمية المتاحة.

ب- ارتفاع التكلفة المالية لمثل هذا الصنف من التوسع الكمّي.

ج- غياب رؤية الربط بين مخرجات الجامعة واحتياجات المجتمع من الكفاءات المؤهلة، وتكون النتيجة وجود فائض من التخصصات لا حاجة للمجتمع به، وتنشأ دوّامة الحيرة من جديد في ذهن الشاب!

***

ثانياً: هناك الدعوة المتكررة الصدى لإنشاء جامعات وكليات أهلية تستوعب الفائض من خريجي الثانوية العامة، ولهذا البديل أيضاً مناقب ومثالب، فهو لا ريب سيسهم إسهاماً حقيقياً في استيعاب الفائض عن الجامعات، ولكن يبقى السؤال.. ثم ماذا؟ إذا كان الهدف من إيجاد جامعة أهلية استيعاب الفائض من الشباب، لغرض الاستيعاب فحسب، بعيداً عن اعتباري الاحتياج والتخصص، فإن ذلك يعني أن الجامعة الأهلية ستكون نسخة مكررة للجامعة الحكومية، وستسهم في (حقن) المجتمع بالمزيد من التخصصات التي لا حاجة له بها، أما إذا كانت الجامعة الأهلية ستنشأ على أسس من الجدوى العلمية والعملية المدروسة ميدانياً، مراعية في ذلك سد الخلل في التعليم الجامعي العام، فإن الأمر هنا جد مختلف، فالحاجة للأطباء السعوديين مثلاً ملحة جداً، وكليات الطب والصيدلة والأسنان والتمريض التي ترعاها الدولة حالياً لا تغطي هذا الاحتياج، إذن فما الذي يحول دون إنشاء كلية أو أكثر للطب البشري، وأخرى لطب الأسنان وثالثة للتمريض، ورابعة للعلوم الطبية المساعدة، وخامسة للصيدلة، وغير ذلك من التخصصات التي تفتقر إلى حضور المواطن تأهيلاً وأداءً؟!

***

ثالثاً: وهناك المروّجون للانتساب (الانتظام الجزئي) في الجامعات، ولهذا البديل سوءات تفوق الحسنات، وأهمها أنها تحجم عملية التلاحم التربوي بين الطالب والأستاذ، وتُبقي الطالب المنتسب أسير النص المكتوب، يتلقّف ما فيه، ليصبه في نهاية العام في امتحان مكتوب، يخرج في نهايته بوثيقة تمنحه هوية الانتماء إلى الجامعة، ولا شيء سوى ذلك، إلا من رحم ربي!

وللحديث صلة



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد