Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/06/2008 G Issue 13030
الأحد 27 جمادى الأول 1429   العدد  13030
شيء من
عمل المرأة والرذيلة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

بعد نشر مقالي الثلاثاء الماضي (وهذا مؤشر آخر) الذي كان عن بطالة المرأة تلقيت من خلال الجريدة رسائل جوال كثيرة تقول: إن حل بطالة الرجل مقدم على حل بطالة المرأة، وكان الأولى بك أن تهتم ببطالة الرجل، وليس المرأة.

وفي تقديري أن النظر إلى هذه القضية من هذه الزاوية (عنصرية) لا يمكن قبولها، فهي نظرة تقوم على أن النساء بشر من الدرجة الثانية. المرأة إنسان له حقوق وعليه واجبات. وعندما نؤجل قضاياها ريثما ننتهي من حل قضايا الرجل، انطلاقاً من أن (الأولوية) للرجل وليس للمرأة، معنى ذلك أننا نمارس تفرقة على أساس (الجنس) يجب أن تكون مرفوضة من حيث المبدأ.

هذا أولاً.

أما ثانياً فأنت عندما تحرم المرأة من العمل، تحت أي حجة أو ذريعة معنى ذلك أنك تشجعها بطريق غير مباشر على ممارسة الرذيلة. هذه حقيقة إحصائية يُثبتها ازدياد معدلات إتيان الرذيلة في البلدان التي تتزايد فيها معدلات البطالة، الأمر الذي يجعل هناك علاقة طردية بين ازدياد معدلات الرذيلة وازدياد معدلات البطالة؛ فإذا كانت قضايا الأخلاق، وأخلاق المرأة على وجه الخصوص، تأتي في مراتب متقدمة في سلم أولوياتنا الاجتماعية، فالأولى أن نسعى إلى تحصين (نسائنا) من الانحرافات الأخلاقية بإعطائهن الأولوية على الرجل في فرص العمل وليس العكس.

ففي دراسة تم إعدادها في أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض بعنوان (البطالة ودورها في نشر الجريمة والانحراف) جاء فيها: (فالمتفق عليه في الفكر الاقتصادي والاجتماعي على السواء هو أن البطالة عادة ما ترتبط بانخفاض الدخل -أو حتى انعدامه كما سبق القول- الأمر الذي يوقع الشخص العاطل وأسرته أيضاً معه في براثن الفقر والحرمان وعدم التمكن من إشباع الحاجات الأساسية، الأمر الذي قد يؤدي بالعاطل وأسرته إلى السلوك الانحرافي والإجرامي).

وفي دراسة بعنوان (أثر البطالة في البناء الاجتماعي للمجتمع، دراسة تحليلية للبطالة وأثرها في المملكة العربية السعودية) أعدها د. محمد عبدالله البكر أستاذ علم النفس الاجتماعي المساعد بمعهد الإدارة العامة: جاء من ضمن التوصيات ما نصه: (نظراً لارتفاع نسبة تمثيل المرأة في التركيبة السكانية، ومحدودية خيارات العمل المتاحة لها في الوقت الراهن، يتعين إتاحة الفرصة أمامها بشكل أكبر للإسهام في قوة العمل، وذلك من خلال توسيع مجالات نطاق عمل المرأة وتنويعها وعدم حصرها في مهن محددة).

وإذا كنا معنيين -أو هكذا يجب أن نكون- بتتبع الأسباب والبواعث المؤدية للانحرافات الأخلاقية لاجتثاثها، وألا نكتفي بالوعظ والنصيحة، فإن تضييق فرص العمل على المرأة من شأنه أن يفرز في النتيجة انحرافات أخلاقية تمس أول ما تمس ما نحن معنيون من حيث المبدأ بتحجيمه.

أعرف أن هناك عقولاً مهما حاولت أن تحاورها بالدليل والحجة ترفض لمجرد الرفض ما تقول. ولأن مثل هذه العقول ظلت لسنوات طويلة لا أحد يناقشها، ويُفند حججها، فهي تحتاج إلى زمن كي تستوعب مثل هذا المنطق وهذه التحليلات، بعيداً عن الحكم على النوايا والتي هي علة البعض عندما يفتقر إلى الحجة العلمية.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد