Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/06/2008 G Issue 13030
الأحد 27 جمادى الأول 1429   العدد  13030
لِمَ لا نحزن على فراقك يا أبا هشام؟
محمد بن حمد المالك

في اللحظة التي انتقل فيها ابن عمي الدكتور صالح بن عبدالله المالك إلى رحمة الله كان لهذه اللحظة وقعها الصعب على أفراد أسرة المالك وأقاربهم وعلى كل محبيه ومعارفه، ولم يكن أمامنا في هذه اللحظة المؤلمة إلا أن نتذكر بإيمان قوي قول رب العالمين:

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } وأن نحمد الله على قضائه وقدره، وفي الوقت الذي يعاود فيه الحزن السيطرة على مشاعرنا نفاجأ بلطف وكرم من الله بأن ساعدنا كثيراً على تخفيف مصابنا الذي ألمَّ بنا، فالاتصال الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وعدد كبير من أصحاب السمو الأمراء من داخل وخارج المملكة معزين الأسرة في فقيدها الغالي ومثنين على ما بذله من جهود مخلصة في سبيل خدمة وطنه ومواطنيه، وقبل ذلك وبعده تلك الجموع الغفيرة التي اكتظ بها مسجد الراجحي ومقبرة النسيم وآلاف المعزين الذين ضاق بهم منزل شقيقه الدكتور أحمد بن عبدالله المالك طيلة أيام العزاء يتقدمهم أصحاب السمو الملكي الأمراء والفضيلة العلماء والمعالي الوزراء ووجوه المجتمع ورجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات التجارية وغيرها وعدد من السفراء ومن وفدوا من خارج الرياض والذين أيضاً توافدوا على منزل العائلة بمحافظة الرس مسقط رأس الفقيد ورسائل العزاء الكثيرة التي استقبلتها عدة فاكسات وأجهزة الجوالات والمكالمات التي لم تتوقف لحظة واحدة من خلال السنترال والجوالات وما نشر في الصحف من مقالات وقصائد وإعلانات، كل ذلك أكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك محبة الناس الصادقة للفقيد وهذا ما هوّن من مصابنا، كيف لا ومعظم، بل كل الذين جاءوا واتصلوا وأرسلوا أو عملوا معه في كل المجالات التي خدم فيها وطنه أثنوا على الفقيد ثناءً مميزاً ووصفوه بابن الوطن البار وفقيد الأمة، وأكثرهم تحدث عن مواقف مشرّفة للفقيد لم نكن نحن أسرته نعلم عنها.

أما فيما يتعلّق بنا أفراد أسرته فحدث - كما يقال - ولا حرج فكان رحمه الله نعم الابن لمن هو أكبر منه ونعم الأخ لمن هو في سنه ونعم الأب لمن هو أصغر منه، كما كان يخيم على مجالس العائلة المزيد من البهجة والسرور حينما يكون الفقيد من بين الجالسين، حيث يجيب بلطف وتواضع وأخلاق فاضلة على كل ما يسأل عنه وما لم تحضره الإجابة فإنه يبحث عنها في مكتبته العامرة بمصادر المعلومات عندما يعود إلى منزله إلى أن يعثر على الإجابة المناسبة، وعلى الفور يتصل بمن يعنيه أمر السؤال ويشرح له ما أراده من سؤاله، كما أنه أحد أفراد الأسرة الذين يركزون باستمرار على ترابطها وتعاونها ويحث على مواصلة اللقاءات وتبادل الزيارات مع أبناء المجتمع الآخرين، كما كان يسعى جاهداً لحث أبناء وبنات الأسرة على مواصلة الدراسة ويشرح لهم ما يجب أن يتحلوا به خاصة عندما تكون الدراسة في الخارج، ولم يمنعه مرضه الذي كان يعاني منه معاناة شديدة من استقبال زواره والبحث معهم في أمور كثيرة ذات صلة بخدمة الوطن، وبودي أن أتحدث أكثر عن خصاله الأخرى الجميلة المشرفة لكن مصيبتي فيه لازالت ملازمة لي وماثلة أمامي مما حال دون الاستمرار في ذكرها ولعل ما أشرت إليه وهو يمثل قليلاً من كثير مما كان يتحلى به ونعرفه عنه يزيد من افتخار المجتمع واعتزازه بأبنائه البررة المبدعين أمثال الفقيد رحمه الله.

أسأل الله بصفاته العلا وأسمائه الحسنى وبحق السائلين عليه أن يتغمد ابن عمي الغالي بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنته وأن يجازيه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً وأن يجبر مُصاب أسرته فيه وأن يلهم أبناءه وبناته وزوجتيه الصبر والسلوان، كما أسأل الله تعالى أن يكثر من أبناء الأسرة البررة المنتجين المخلصين أمثال الدكتور صالح وأن يُديم عليها نعمة ترابطها ومحبتها ومحبة الله ثم محبة الناس لها، كما أسأله أن يجزي كل من واسنا وساهم في تخفيف مُصابنا خير الجزاء.

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد