Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/06/2008 G Issue 13030
الأحد 27 جمادى الأول 1429   العدد  13030
لما هو آت
المرآة....!
د. خيرية إبراهيم السقاف

النفس كما الطفل ترفل سعيدة.. تقفز مبتهجة بكلمة حلوة تقطر عليها كما حبات المطر في ظهيرة صيف...

كما إنها تنكمش ذعرا كلما وخزتها كلمات جفاء كما الشوك عند عبور غابة...

والناس أنفس تتحرك أو تتبلد...

والأرض كون امتدادي لا يضيق بالبشر... إذ كلما تزايدوا كلما تناقصوا دون أن تفسد بهم الأرض فكيف تفسد بهم فضاءات النفوس..؟

لماذا لا يكون كل الناس غيمات مطر رخاء رخاء على بعضهم..؟

لما لا ينزعون الأشواك عن ألسنتهم... ويبذرون الورد في مخارجها..؟

هي النفس...

مكنون مختف في أروقته الدفينة...

تنطوي على كل ما يختزن فيها... أو يستقر داخلها...

هناك من يقوى على وصد أبوابها دون أن تنفذ نثراتها إلى فضاء الآخر... وهناك من لا يقوى...

منهم الذين تتسلل مكنوناتها عطرا نديا... وأولئك هم القادرون على كبح مضخة الألم فيها...

تلك المضخة عند كثير تنفلت أتراسها على شكل يباغت الآخرين... فيكويهم جرحا وإيذاءً وكربا...

وعند قلة تتسرب من مكنونها هدوءا يباغت يسرا وهونا... ومسحا على الرؤوس... وتربيتا على الكتوف..

بسمة الأولى صفراء... وبسمة الثانية خضراء...

ووجه الإنسان هو مرآة نفسه...

المرآة حين تكون حادة فهي جارحة لا تخبئ تفاصيل المكنون...

بينما مرآة الجنان لا تعكس غير منابت الندى...

***

وفي كل حالات النفوس فهي المستودع لمكنوناتها...

تلك القادمة عمن هو في خارجها بكل تأكيد...

تبقى لها فطرة البياض حين تداهمها الكلمة الطيبة...

تستنفر أوردتها المنعشة لمضخات الإحساس فيها...

فتتلمس ما في الكون من جمال....

بينما تتضافر معها حركية الحواس...

فيتحول المرء لطفل ينتشي بوردة الكلام...

يقفز كما قطرة يداعبها النسيم...

***

فمتى يتحول الإنسان سعيدا... في حياة...

لا تنفتح فيها نوافذ النفوس على تفاصيل مباغتة للدموع... والجروح...

بل مطلة على الرياض والجنان...؟

***

كلمة طيبة كشجرة طيبة...الفرع في السماء

والنفس في ملكوت الرضاء والطمأنينة...

والأرض حقل من العشب الأخضر...

تحرثه النفوس وتحرسه المرآة...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد