Al Jazirah NewsPaper Monday  02/06/2008 G Issue 13031
الأثنين 28 جمادى الأول 1429   العدد  13031
د. صالح المالك.. ورحيل الهدوء
د. محمد أبو حمرا

كثيرون من الرجال عرفتهم وعركت أخلاقهم وتعاملهم عن كثب، وكثيرون هم الرائعون الذين يبقون أثرا بعد اللقاء، لكن أثر أستاذنا الدكتور صالح المالك يفرض على من يعرفه الإحساس بأنه لازال قائما بهدوئه وفطنته التي عرفت عنه، وتلك ميزة يمتاز بها الرجال المؤثرون في حراك الحياة، وفعلا كان - رحمه الله- رجلا متحركا بما تعنيه الكلمة من معنى، فقد كافح كثيرا في سبيل المعالي التي هي أمل ومقصد كل رجل له همة عالية، وتعب كثيرا في التحصيل العلمي، وتغرّب من أجل المعرفة واتساع الأفق، ثم جاء للوطن كمواطن صالح يمتلك حاسة مهمة وهي الهدوء المصحوب بكثير من الأناة والحكمة التي عرفت عنه -رحمه الله- ، ولم يكن المالك من ذوي الحكم على الشيء بعجلة، بل كان متأنيا ومتابعا ومراقبا لكل شيء يقدم على فعله منذ أن عرف الوظيفة حتى غادرها -رحمه الله-.

وميزة أبي هشام -رحمه الله- أنه لا يصدر حكمه إلا بهدوء عرف عنه واشتهر به، ومع ما يمتلكه من حاسة إنسانية مفرطة فقد كان ذا قلب يتوجع لما يتوجع له العاجزون عن السير في الحياة، أو الذين عاندهم الحظ في تخطي الصعاب، وقد سمعت أنه وقف مع كثيرين منهم حتى شقوا طريق حياتهم بكل نجاح، بل أصبح بعضهم من المشاهير في الاقتصاد والإدارة أو العلم أو غيره بسبب وقفته الصادقة الهادئة معهم، وتلك مما يؤثر عنه رحمه الله، ولك أن تتخيل رجلا ينتشل شابا قد قذف به موج الفقر واليأس ليكون له شأن غير ما كان عليه، أليس في ذلك ما يبعث على التقدير؟

وقد أخبرني كثيرون من زملائه في العمل سابقا أو في مجلس الشورى لاحقا أنه يستدعي لمكتبه من يرى رقة حالهم ويعطيهم ما قسم الله دون أن يعلم أحد بذلك، وخصوصاً قبل شهر رمضان وعند عيد الأضحى أو قبيل افتتاح المدارس أو في بدء الشتاء، وهؤلاء سوف يفقدون الدكتور صالح ويبكون عليه لأنه محسن لهم، ثم لأنه إنسان لم يطغه المنصب والجاه عن تلك الفئة، وهذا مما نرجو أن يشفع له ويزيد في موازين حسناته.

وفاته -رحمه الله- علمت عنها بعد انتهاء العزاء حيث كنت خارج مدينة الرياض في إحدى القرى، فكانت مؤثرة أيما تأثير، لأني أحترم الرجل احتراما كثيرا، وأتذكر جلستي معه التي لا تطول كثيرا، وأتذكر حسن أخلاقه ورقة مشاعره تجاه الناس، وحرصه على أن يجد زائره كل الاحترام من صاحب معالي، وهي صفات اشتهرت بها أسرة المالك جميعا، أي أن الرجولة والاحترام للناس وإنزالهم منازلهم ديدن هذه الأسرة وإرثها الذي لم تتنازل عنه في يوم من الأيام أبدا، وهو نوع من السلوك يفرض الحب والتآخي بين الناس.

عزائي لأسرة المالك جميعا كبيرهم وصغيرهم، وأقول: إن فقدان الدكتور صالح مؤثر جدا، لكنه رحل وترك خلفه من يدعون له ويعرفون قدره حيا وميتا... رحمه الله وأسكنه فسيح جناته... آمين.

فاكس: 2372911


Abo_hamra@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7257 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد