Al Jazirah NewsPaper Monday  02/06/2008 G Issue 13031
الأثنين 28 جمادى الأول 1429   العدد  13031
رحل وهو مقيم في ذاكرة الوطن
د. صالح بن سعود آل علي

- وهو في قمة عطائه وحيويته وأوج نضجه وشدة حماسه لخدمة هذا الوطن ونظامه فاجأه مرض عضال آلمه أشد الألم وأقساه، أسهره بالليل وكدر أيامه بأوجاع عانى منها الكثير لكنه طوال السنة والنصف تقريباً لم يسلبه الأمل ولم يفقده التواصل مع محبيه

وأصدقائه، بل ولا مع ما كان يمارسه من أعمال وهوايات كان شغوفاً بها. مثل القراءة والكتابة، اليأس لم يتطرق إلى نفسه لأنه بإيمانه - وكان يكرر - (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) وكان لهذا يغلب الرجاء على اليأس، صبر على المرض وأوجاعه وعلى العلاج ومرارته وعلى الغربة للعلاج وراء المحيط وهو غريب الوجه واليد واللسان، وفراق الأهل والأولاد والأصدقاء.. صبر وبنفس رضية راضية بقضاء الله وقدره محتسباً أن يكون ذلك سبباً في رضا الله وغفرانه.

- أخذ المرض من جسمه حتى نحل وأصابه الهزال، ومع ذلك تراه إذا ما عاده محب أو زاره صديق متهللاً مستبشراً مداعباً وكأنه لا يعاني من تلك الآلام المبرحة.

- لكن القدر المحتوم جرى, وقدم الفقيد د. صالح بن عبدالله المالك إلى ما قدم تلاحقه وتزيد من آماله دعوات مخلصة من أحبابه وأصدقائه وعارفيه - وهم كثيرون- بأن يتغمده الله بواسع رحمته ويعامله بعفوه ولطفه وإحسانه.

- ليس من السهل استعراض تاريخ هذا الرجل المتميز في أخلاقه وعلاقاته وفي تدينه وعطائه الفكري والوظيفي على ما يزيد على أربعين سنة كان ختام مسكها اثنتي عشرة سنة (ثلاث فترات) قضاها عضواً مؤثراً في مجلس الشورى منذ تحديثه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله عام 1414هـ.

- ثم أميناً عاماً للمجلس نفسه مشاركاً بفاعلية بأنشطته ولجانه، له مشاركات جادة في ندوات ومؤتمرات ومحاضرات داخل المملكة وخارجها، له قدح معلى في الاهتمام بلغة الضاد والدفاع عنها رغم إجادته للغة الانجليزية، لا يكل ولا يمل من تتبع أخطاء الكتاب اللغوية وتصويبها.

ورغم أنه أخذ نفسه بالجد فإن النكتة والملحة لا تفارقه، بعيد عن الأثرة والأنانية محب للخير للآخرين.

- مؤهلاته العلمية: كلية الشريعة من جامعة الإمام ودار التوحيد بالطائف ومعهد الرياض العلمي. وكلية الآداب جامعة الملك سعود، قسم الجغرافيا والاجتماع الحضري (دكتوراة) من أمريكا. ومشاركاته في المؤتمرات واللجان المحلية والخارجية والوظائف التي شغلها سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.

كل ذلك وسع دائرة تفكيره وتنوع ثقافته، وهذا ما ميز كتاباته إذا كتب وحواراته إذا تحدث، واتزان آرائه إذا عرضها، يزين هذا ويجمله عقيدة سليمة ومنهج وسطي معتدل، غيرة على الدين ودفاع عنه بالحسنى.

لا يمله جليسه ولا يستثقله محادثه، من أبرز صفاته خفة ظله وطيب معشره وجدّه وقت الجد، وفكاهته ونكتته وقت المزح وله من ذلك نصيب وافر.

لا يسع محبوه وأصدقاؤه مثلما هو حال أهله وذويه وأبنائه وأقربائه إلا أن يلهجوا بالدعاء الصادق بأن يسكن فقيد الوطن أبا هشام فسيح جناته، وأن يعوض وطنه وأسرته ومحبيه خيراً.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

زميله ورفيق دربه
رئيس هيئة الرقابة والتحقيق



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد