من خلال متابعتي اليومية لعيادة المسالك البولية قلما أجد مريضا لا يعاني من أعراض التهاب البروستاتا المزمن.فهذا المرض الشائع الحدوث يقدر أن نصف الرجال يعاني من أعراضه في وقت ما من حياتهم. والبروستاتة هي عبارة عن غدة بحجم ثمرة الجوز تقع تحت المثانة البولية، وتحيط البروستاتة بمجرى البول مثل الكعكة.
ونستطيع القول: إن التهاب البروستاتة(prostatitis) ينافس سرطان البروستاتة وتضخم البروستاتة الحميد(BPH) فيما يتعلق بنسب الحدوث الانتشار، وعدد الاستشارات الطبية، وتقدر نسبة حدوثه في الولايات المتحدة من 5 إلى 8%، هكذا بدأ الدكتور صالح بن صالح استشاري جراحة الكلى والمسالك البولية والعقم والمناظير في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي وأستاذ الجراحة المساعد بكلية الطب جامعة الملك سعود حواره معنا.
عمل التحاليل والفحوصات اللازمة لتحديد نوع الالتهاب
دكتور صالح حدد لنا وظيفة البروستاتة ؟.. وهل هناك تصنيف واضح لهذا المرض... ؟
تعتبر وظيفة البروستاتة غير معروفة على وجه التحديد لكنها تساهم بجزء بسيط من صنع السائل والأنزيمات التي تساعد في تكوين المني الضروري للخصوبة الذكرية. وتمثل متلازمات التهاب البروستاتة كيانا سريريا مشتركا وجمعت سوية في تصنيف واحد لأنها جميعا عبارة عن الأعراض والعلامات السريرية المرتبطة باضطرابات غدة البروستاتة.
في السابق صنفت إلى أربع كيانات سريرية: بكتيري الحادacute bacterial )، بكتيري المزمن chronic bacterial)، لا بكتيري، ألم البروستاتة prostatodynia) ويمكن الاستدلال على أي نوع منها بأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري مع عمل بعض التحاليل اللازمة والتي تفرق بين نوع وآخر.
ويعتبر التهاب البروستاتة المزمن اللابكتيري أكثر الأنواع شيوعا وتبرز أعراضه في آلام الحوض التي قد تكون على شاكلة ألم في الخصيتين، ألم في منطقة العجان بين أسفل الخصيتين وفتحة الشرج، آلام أسفل الظهر أو أعلى المثانة. كما قد يصاحبه حرقان في التبول والقذف أو حدوث قذف دموي، كما يعاني كثير من المصابين من ضعف في التبول وعدم الراحة عند الجلوس لفترات قصيرة على الأسطح غير اللينة.
تتعدد أسباب الالتهاب والبكتريا أكثر المسببات شيوعاً
* ما هي الأسباب وراء التهاب البروستاتة...؟
- مسببات التهاب البروستاتة غير المعروفة في 90 % من الحالات، والنسبة الباقية يكون سببها بكتيريا. وقديما كان ينسب التهاب البروستاتة إلى مستوى هرمونات الجنس، أنواع الأغذية، الأمراض التناسلية السابقة، التوتر، عوامل نفسية، تحسس، والحالة الاجتماعية. ولقد قام بعض الباحثين بمحاولة الكشف عن تلك المسببات فتم دراسة تأثير العمر، العرق، الجراثيم بما فيها الفيروسات والأمراض التناسلية الجنسية، حمض البول، النشاط الجنسي وعوامل أخرى كثيرة. ولكن لا تزال أصابع الاتهام تتجه إلى البكتيريا كسبب أساسي.
طرق تشخيصية مختلفة لالتهاب البروستاتا
* حدثنا دكتور صالح عن كيفية تشخيص الالتهاب... ؟
- تشخيص التهاب البروستاتة البكتيري الحاد يتم بشكل مباشر وبسهولة في المعمل. ولكن من الناحية الأخرى، فإن التشخيص المعملي لالتهاب البروستاتة المزمن وألم البروستاتة (بروستاتودينيا ) يمثل تحديا خاصا. فالتهاب البروستاتة المزمن له سجل ضعيف في نجاح المعالجة. فالدراسات الحديثة تقترح أن الحالات التي توصف بأنها التهاب البروستاتة غير البكتيري المزمن (بروستاتودينيا ) من الممكن أن يكون في الواقع بسبب مرض معد، يربط بعض المرضى بدء أعراضهم بالنشاط الجنسي - أحيانا يكون مرتبطا بحدوث التهاب حاد في مجرى البول (الإحليل)، في حين لم يبين الآخرون أي علاقة إلى النشاط الجنسي.
استخدام المضادات الحيوية قد يؤدي إلى زوال مؤقت للأعراض. يوجد عدة ميكروبات ترتبط بحدوث هذه المتلازمة، مثل تريكوموناس فاجيناليس، كلاميديا تراكوماتيس، مايكوبلاسما (mycoplasma)، ستافيلوكوكي، كورينيفورمز والفيروسات.
هذه البيانات جدلية إذ قد فشل بعض الباحثين في العثور على هذه الميكروبات الدقيقة في المزارع أو أنهم عثروا عليها في ظروف نادرة، هنا تجدر الإشارة إلى أن التحليل المعملي يواجه تحديا كبيرا متمثلا في وجود مواد مثبطة في إفراز البروستاتة، بالإضافة إلى الاستخدام السابق والمتعدد للمضادات الحيوية.
* هل هناك مسببات أخرى غير السابق ذكرها... ؟
- يشعر العديد من الباحثين بأن أغلبية المرضى بالتهاب البروستاتة يكون سبب الالتهاب لديهم جرثومة ما، ولكن أحيانا كثيرة لا يتم العثور على الجرثومة المسببة للالتهاب. ويدعو بعض الباحثين إلى زيادة مدة المزرعة إلى 5 أيام بدلا من يومين والبعض الآخر يدعو إلى استخدام التقنيات الحديثة مثل البي سي آر(PCR) لمحاولة الكشف عن الأجزاء الجينية الجرثومية.
فإن وجدت تلك الإشارات الجرثومية يمكن أن نتوقع الاستجابة إلى العلاج بالمضادات الحيوية، وإن لم توجد فسيكون من الأفضل تفادي الآثار الجانبية الناتجة عن الاستخدام غير الضروري والمطول للمضادات الحيوية، والتوجه حينها إلى العلاج بواسطة مضادات الالتهاب الأدوية العصبية العضلية الذي قد يكون الاختيار الأفضل في هذه الحالات.
نعم يوجد علاج
لجميع أنواع البروستاتا
* حدد لنا الطرق العلاجية لالتهاب البروستاتة اللابكتيري... ؟
- علاج التهاب البروستاتة بجميع أنواعه تم في عدة دراسات طبية باستخدام أدوية خاصة بتضخم البروستاتة الحميد، أدوية مضادات الالتهاب، المضادات الحيوية، العلاج الحراري، وأدوية مختلفة أخرى.
تشكل المضادات الحيوية الركن الأساسي في العلاج على الرغم من أن نتائج الزراعة تكون غالبا سلبية. السبب لهذا الاستخدام غير الموثق للمضادات الحيوية عائدا إلى أن العديد من المرضى يستفيدون من ذلك.
تدليك البروستات المتكرر، كان يعتبر العلاج التقليدي وتم وقفه بعد عام 1968، أصبح يستخدم ثانية، والسبب في ذلك جزئيا بسبب عجز العلاج الطبي التقليدي على تحسين أعراض أكثر المرضى، ولكن أيضا بسبب الاعتقاد بأن تلك العدوى الجرثومية المزمنة توجد في غدة البروستاتة في قنوات مسدودة على هيئة خراجات صغيرة جدا. إن الجمع بين تدليك البروستاتة والمضادات الحيوية للمعالجة في الحالات المقاومة والصعبة ربما يساعد، ولكن قيمته النهائية يجب أن تثبت بواسطة الدراسات.
ويوجد خيارات أخرى مثل محصرات ألفا alpha- blockers والعلاج الهرموني مثل Finasteride والتي تستخدم لعلاج تضخم البروستاتة الحميد، فبالرغم من أن آلية تأثيرها ما زالت غير واضحة، إلا أنها قد أفادت في تحسين حالات بعض المرضى.
العلاج الحراري باستخدام موجات الميكرويف والعلاج بالأبر الصينية أفاد أيضا في تحسين حالات بعض المرضى.
في خاتمة هذا الحديث تجدر الإشارة إلى قلق الكثير من المصابين بهذه المتلازمة من حدوث عواقب على المدى البعيد لهذا المرض. وهنا أحب التأكيد أن الدراسات مازالت مستمرة في هذا المجال ولم يثبت إلى وقتنا هذا أن التهاب البروستاتة المزمن غير البكتيري يؤدي إلى حدوث سرطان البروستاتة أو يقلل من فرص الإنجاب عند الرجال.