Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
محافظة الزلفي بلا تدخين.. حلم يتحقق
د. عبدالله بن محمد البداح

سريعاً مرت الأيام ودار الزمن دورته، وها نحن نلتقي من جديد بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين تحت شعار (شباب بلا تدخين).

هو لقاء سنوي لشحذ الهمم، وحشد الجهود في مواجهة عدو شرس، مخادع مكار، تجرد من أبسط مبادئ الإنسانية السامية والأخلاق الكريمة، ولع في دماء الضحايا، عامداً متعمداً مع سبق الإصرار والتصميم؛ ضحاياه بلغت في القرن العشرين المنصرم (100 مليون قتيل) وما تزال أعداد الضحايا تتزايد، وما تزال الدماء تسيل. ما أظنني بحاجة إلى أن أسوق لكم المزيد من الأدلة والشواهد على خطورة وباء التبغ الخبيث، وبيان مستوى الجشع والإجرام الذي بلغته شركات صناعة التبغ العالمية، ومن يدور في فلكها من المروجين والمرتزقة.. فقد كشفت أوراقهم ووثائقهم، التي كانت سرية قبل ذلك، وظهرت نواياهم الدنيئة الخبيثة.

لعابهم يسيل بغزارة وبطونهم لا تعرف الشبع، وجميع البشر أهداف مشروعة لسهامهم المسمومة، ولكنهم -والحق يقال- بارعون جداً في اختيار الضحايا، وهم يستهدفون بصورة خاصة تلك الفئة الغالية التي تعتبر بمثابة القلب النابض لكل مجتمع وأمة، إنهم يستهدفون الشباب، ويتجهون بأنيابهم المسمومة ومخالبهم الحاقدة ليبطشوا بفلذات أكبادنا، إنهم يتصيدون صغار السن ذكوراً وإناثاً كي يضمنوا زبائن مربحين وعلى المدى الطويل يسهل خداعهم والتغرير بهم تارة من باب الرجولة والبطولة والتمرد، وتارة من باب المتعة والنكهة، أو المغامرة والتحدي والشهوة، وأحياناً من باب الفضول وحب التجريب، وما أكثر أبواب الخداع والتضليل، التي تدخل من خلالها شركات التبغ الماكرة إلى عقول الصغار والمراهقين في غفلة من الآباء والمربين والعقلاء والمناصحين. إنهم يسعون جاهدين، غير مبالين ولا متهيبين لنصب شباكهم الماكرة في كل زاوية ومنعطف، والشباب هم الهدف.

الأمر جد خطير ودول العالم في هذا اليوم تعلن النفير، تعيد ترتيب الأولويات، وترسم السياسات، وتضع الأهداف والاستراتيجيات، وقد تبنت منظمة الصحة العالمية مجموعة متكاملة من السياسات المحكمة التي تسد بوجه المجرمين المسالك، وتضيق عليهم الخناق وتدفعهم نحو المهالك. والسياسات الست اللازمة لمكافحة التبغ في أي مجتمع هي:

رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية منه، حماية الناس من دخان التبغ، عرض المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ، التحذير من أخطار التبغ، حظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، زيادة الضرائب المفروضة على التبغ.

الأمر جد خطير، ولكن الأمل -بعون الله- كبير، نحن بأمس الحاجة لتضافر جميع الجهود وبحمد الله تعالى، فإن وزارة الصحة ليست وحدها في مواجهة وباء التبغ الخطير، بل إلى جانبنا، وأمامنا ومن خلفنا العديد من الجهات والمؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية والتطوعية.

وما حملة (محافظة الزلفي بلا تدخين) إلا واحدة من أفضل النماذج لتكامل الجهود وتعاضدها لمواجهة وباء يقتل (15) ألف شخص كل يوم في العالم. نهيب بالجميع الوقوف صفاً واحداً لنأخذ تلك السياسات المتكاملة بقوة، قبل أن نفقد المزيد من المواقع، ويتسع الخرق على الراقع. لنسعى جميعاً لسحب البساط من تحت أقدام شركات التبغ التي تتصيد شبابنا، وتمكر بهم وتخدعهم.

*المشرف العام على برنامج مكافحة التدخين/وزارة الصحة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد