Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
في مؤتمر صحفي بمناسبة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار
د. التركي: المؤتمر يهدف إلى إشاعة ثقافة الحوار في المجتمعات الإسلامية

مكة المكرمة - عمار الجبيري - تصوير - سليمان وهيب

أكد معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، أن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار سيناقش المنهاج والأهداف والمهام الإسلامية المحضة المتعلقة بحوار المسلمين مع غيرهم، وسوف يؤصل مفاهيمه وبرامجه ويحدد آلياته ووسائله استناداً إلى كتاب الله الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وأبرز معاليه أهمية المؤتمر العالمي التي يكتسبها من رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود له، إضافة إلى أنه سيعقد في مكة المكرمة التي تتجه إليها أنظار جميع المسلمين، إلى جانب أهمية موضوعه بالنسبة لعلاقة المسلمين بغيرهم من شعوب العالم، وتركيزه على صوغ المنهاج الإسلامي للحوار مع شعوب العالم.

جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده د. التركي أمس الاثنين في مقر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، الذي تعقده الرابطة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين في الفترة من 30-5 إلى 2-6- 1429هـ الموافق من 4 إلى 6-8-2008م.

وحضر المؤتمر ممثلو وسائل الإعلام الإسلامية والعالمية والمحلية الذين رحب د. التركي بمشاركتهم وإقبالهم على تغطية أعمال المؤتمر، وقد أكد معاليه على أهمية تعاون وسائل الإعلام في نشر ثقافة الحوار ومبادئه وقواعده بين الأمم، كما جاءت بها رسالة الإسلام، وذلك من خلال برامج وخطط مشتركة.

وبين معاليه أن الترويج للحوار بين الناس ونقل أهدافه ومفاهيمه إلى المجتمعات الإنسانية من المهام الإعلامية الضرورية لمواجهة دعوات الصراع والصدام بين الثقافات والحضارات الإنسانية، مطالباً العاملين في مجال الإعلام الإسلامي بإبراز قيم الإسلام في السلم والأمن والتعايش والوفاء والتعاون على البر والخير، لدحض المقولات الداعية إلى الصراع بين الأمم، ونقضها وبيان خطرها على الأمن والسلم في العالم، وتصادمها مع التواصل والتعارف والتعاون الذي يحتاج إليه العالم وشعوبه المختلفة. وطالب معاليه الإعلاميين بالعمل على إبراز القيم الإسلامية التي تضمن قيام حوار مثمر بين شعوب العالم، وإحلال التعاون والحوار محل دعوات الصراع، وقال: إذا كان الداعون للصراع يستغلون الاختلاف بين الشعوب فإن على الإعلام الإسلامي تفنيد دعواتهم من خلال حوار مفتوح، ودعوتهم للنظر في حرص الإسلام على التعايش السلمي والتعاون بين الناس، وجعل الحوار بينهم وسيلة لحل المعضلات والمشكلات التي تواجههم، مشيراً معاليه إلى أهمية بذل الجهود الإعلامية لإيصال رسالة الإسلام في الترغيب بالحوار والترويج لمبادئ الإسلام المتعلقة بالعلاقة مع الآخرين، مع إيضاح موقف الإسلام من الصدام ونبذه الصراعات التي تضر بالبشرية جمعاء.

ولفت د. التركي إلى أن من أهداف المؤتمر إشاعة ثقافة الحوار في المجتمعات الإسلامية، لأنه مؤتمر إسلامي، هدفه إيجاد صيغة إسلامية للحوار مع أتباع الأديان والثقافات والفلسفات البشرية في العالم، مؤكداً بأن حماس وسائل الإعلام له يأتي من استشعارها لأهمية الحوار في هذا العصر مع جميع الشعوب.

وقال معاليه: إن المملكة العربية السعودية مهتمة بالحوار، ولها جهود سابقة في ذلك، وهي معروفة منذ عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - حيث عقدت العديد من ندوات الحوار، وتم نشر وثائقها، وقد تجددت الدعوة للحوار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - حيث دعا في العديد من المناسبات إلى الحوار بين أمم العالم من أجل مناقشة المشترك الإنساني وتحقيق التفاهم والتعاون بين الشعوب، وأبان معاليه أن الرابطة تلقت اتصالات من المؤسسات والشخصيات الإسلامية لتنفيذ ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، وقد استجابت لذلك، وقررت عقد المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، حيث سيتم التركيز فيه على وضع المنهاج الإسلامي للحوار وتأصيل مفاهيمه وأهدافه وأعماله وبرامجه، لأنه مؤتمر موجه للمسلمين، لذلك فإن جميع المشاركين فيه هم من ممثلي الشعوب والأقليات والمنظمات الإسلامية في العالم، ولم تستثن الرابطة جهة أو بلداً إسلامياً أو أقلية من الأقليات المسلمة إلا ودعت من يمثلها في هذا المؤتمر.

وبين د. التركي أن المؤتمر لن يناقش قضايا الأديان والعقائد أو السياسات العالمية، وإنما سيركز على مناقشة المشترك الإنساني، كما دعا إلى ذلك خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مثل موضوعات الفقر والظلم والعدل والإرهاب والأسرة، بالإضافة إلى المآسي والأمراض والمشكلات التي تعاني منها بعض شعوب العالم، حيث إن في الإسلام رصيداً كبيراً من المبادئ لمعالجتها، وقال: إنه لابد من التركيز الإعلامي على ما يسدد مسيرة هذا المؤتمر ويوضح أهدافه العالمية.

وأبان د. التركي أن مناقشة المؤتمر للقضايا الإنسانية المشتركة تعني أن الحوار في المستقبل سيشمل جميع فئات الناس، ومختلف الشعوب، ومنهم أتباع الثقافات الشرقية لما لهم من مشترك في الاهتمام مع المسلمين، كما أنهم قوة بشرية كبيرة في العالم، وبهذا فإن المؤتمر سيدرس الحوار مع كافة فئات البشر، ولا يمكن استثناء فئة من الناس، وسيكون ذلك مدخلاً لتعريف العالم بحقيقة الإسلام ورسالته المنفتحة على جميع الناس سواء كانوا من الشرق أم الغرب، وإذا كانت المشكلة القائمة حالياً هي مع الغرب، فلا يعني هذا إغفال الشرق من الحوار لأن لشعوبه ودوله تأثيراً في العالم في هذا العصر. وفيما يتعلق بإساءة الإعلام الغربي للإسلام، وشن الحملات المغرضة عليه وعلى المسلمين، أوضح د. التركي أن هذا من أهم أسباب اهتمام الرابطة بالحوار مع الآخرين، وذلك لبحث القضايا المثارة لديهم، ومواجهة الإساءات التي توجه للإسلام والمسلمين، وينبغي لذلك أن يتولى الإعلام مهمته على أفضل وجه في الإسهام بمعالجة هذا التحدي التي يهدف إلى تشويه صورة الإسلام.

وقال معاليه: إن المؤتمر سوف يدرس كل التجارب السابقة للحوار خلال خمسين سنة مضت، للوقوف على سلبياتها وعلى نتائجها بالإيجابية، وسيتم وضع خطة للمستقبل، من أهم بنودها تجميع الجهود الإسلامية لتحقيق التكامل، وسوف تركز الآلية في المستقبل على ذلك. وأكد د. التركي أن الرابطة حريصة على أن يضع المؤتمر برامج للمستقبل، مشيراً إلى أنه سيراعي ظروف المسلمين وأوضاعهم في مناقشاته وسيضع آليات واضحة ومستمرة لعملية الحوار، والأمل أن تكون الخطة متكاملة تتضمن البرنامج الزمني ودراسته، مشيراً إلى أن الرابطة ستعمم ما سيصدره المؤتمر من برامج وخطط على جميع المنظمات الإسلامية المعنية بالحوار.

وعن شمول الحوار الذي تتطلع إليه الرابطة للغربيين الذين أساء بعضهم للإسلام قال د. التركي: ليس كل الغربيين ينظرون هذه النظرة التشاؤمية إلى المسلمين، وللرابطة جولات في الحوار مع معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وقد وجدنا أن كثيراً من القيادات السياسية والثقافية والدينية والإعلامية، يتفهمون الإشكالات التي يتعرض لها المسلمون، ومع ذلك فنحن مطالبون بمحاورة الجميع بمن فيهم الذين يسيئون إلينا. كذلك بين د. التركي أن من أهم أهداف الحوار العناية بالجاليات والأقليات المسلمة في الغرب، فهي جزء من الأمة الإسلامية ولها مشكلاتها، ولابد أن تبذل الجهود في عونها على المحافظة على هويتها الدينية مع اندماجها في المجتمعات التي تعيش فيها، وأن تكون أداة فاعلة في مجالات الحوار.

وقال معاليه: إن المتوقع أن يحقق المؤتمر نقلة نوعية في الحوار الإسلامي حيث ستكون الرؤية واضحة، ولا سيما وأن المشاركين في المؤتمر من المؤهلين للحوار ولهم تجارب سابقة طويلة.

هذا وقد شكر معاليه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على اهتمامه بالحوار ورعايته للمؤتمر، مؤكداً أن هذه الرعاية الكريمة ستمنح المؤتمر قوة كبيرة، تشد أنظار العالم وتدفع شعوبه إلى الحوار المفيد والمثمر مع المسلمين.

وكان الدكتور حسن بن علي الأهدل المدير العام للإعلام والعلاقات في رابطة العالم الإسلامي قد قدم للمؤتمر وأدار الحوار الذي شاركت فيه الوفود الإعلامية المشاركة في المؤتمر، وقال في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر الصحفي:

إن المؤتمر جاء انعقاده استجابة من رابطة العالم الإسلامي لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدعوة والحوار وهذه الدعوة التي انطلقت من قناعته الشخصية - حفظه الله - بأهمية الحوار بمفهومه الواسع.

وقال: حين تدعو رابطة العالم الإسلامي لمؤتمر إسلامي عالمي للحوار بمكة المكرمة يشارك فيه علماء الأمة ومفكروها للتشاور فيما بينهم حول مستقبل الحوار مع الآخر وآلياته وضوابطه، فهي تفعل ذلك من منطلق رسالتها التي أرساها دستورها قبل خمسين عاماً، وبدعم من خبراتها السابقة في المشاركة في المؤتمرات واللقاءات مع أتباع الديانات والثقافات والحضارات الإنسانية المختلفة وإلمامها بنقاط الالتقاء والاختلاف معهم، وكذلك اعتدال مواقفها في مختلف القضايا. وأضاف: إن الحوار مع غير المسلمين يوضح حقائق الإسلام، ويسهم في تغيير الصورة المشوهة عنه في وسائل الإعلام العالمية، ولعل وجود تقاطعات بين بني البشر في مختلف نواحي الحياة مع حتمية التعاون بينهم وإدراك حقيقة التنوع الإنساني، يكفي لأن يكون مبرراً لأن يبادر العقلاء من سكان هذا الكوكب إلى البحث عن المشترك فيما بينهم وتطويره من خلال الحوار الجاد ليقتربوا أكثر وأكثر نحو حلول مقبولة للمشكلات المستعصية التي تواجهها المجتمعات البشرية، وفي هذا ما يحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد