Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/06/2008 G Issue 13033
الاربعاء 30 جمادى الأول 1429   العدد  13033
مؤتمر مكة.. مجادلة لا مداهنة!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

لست مبالغاً حينما أفصح بأن الإسلام دين الحوار، فهو سنة الأنبياء عليهم وعلى نبينا -صلوات الله وسلامه- مع أقوامهم في محاوراتهم وتساؤلاتهم وتوجيهم بكل صدق ورحمة وتسامح. وهو مشروع الأمة الإسلامية وعنوان خيريتها، كل ذلك من أجل التوضيح والوصول إلى معرفة الحقيقة. بل إن أسلوب الحوار هو ما دل عليه عموم قول الله -تعالى-: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). ودل عليه خصوص قول الله -تعالى-: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

وتأتي أهمية مبادرة خادمين الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- لموضوع الحوار العالمي بين الأديان ودعوته إليه، في وقت يقتضيه الظرف الراهن من أجل التواصل والتعارف مع أتباع الثقافات والأديان الأخرى. وهذا النوع من الحوار هو ما يعرف بحوار السياسة الشرعية والموكول إلى ولي الأمر وأهل الحل والعقد، وتضبطه القواعد الشرعية وتقدير المصالح والمفاسد.

إن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في جنبات مكة المكرمة وبحضور يصل إلى (500) شخصية من مختلف الدول الإسلامية والبلدان، لا يعني التقريب بين الأديان، كما لا يعني تنازل المسلمين عن أحكام الشريعة الإسلامية، فهذا أمر مستحيل. لكن يمكن أن يكون هناك حوار سياسي بين تلك الأديان من أجل الاتفاق على مبادئ التعايش السلمي والمثمر بين البشر والشعوب فيما فيه رقيهم وأمنهم وتواصلهم، وطي نقاط التقاطع بين البشرية.

إن الحوار الفعال مع الآخر والمستند إلى معايير يؤمن بها الطرفان هو الذي يوصل ثقافة قيمنا للآخرين، بل هو وسيلة للدخول إلى عصر العولمة الوافدة بقوة إلى المجتمعات الإسلامية، مستفيدين من الثورة الإعلامية الهائلة والمعاصرة للتقدم إلى العالم أجمع بخطاب متين يمكن من خلاله مواجهة القوى المنحرفة التي ما فتئت تحرض ضد الإسلام ومقدساته ورموزه. وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام كدين رحمة وسلام ومحبة.، وهو ما أكده الزعيم الهندي (غاندي) حين قال: (إن الإسلام هو صوت الحق، وعندما كان الغرب في ظلمات الجهل طلع في أفق الشرق نور الإسلام كنجم ساطع، ليوفر السكينة في قلوب بني الإنسان المضطربة والقلقة في العالم. إن الإسلام ليس ديناً كاذباً، وقد أصبحت لدي قناعة بأن الإسلام لم ينتشر بالسيف).



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد